للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتصح أيضا بقوله: أطعمتك هذه الأرض، أو هذه الأرض طعمة لك أى غلتها، لأن عين الأرض لا تطعم فيكون الاطعام المضاف اليها هو اطعام منافعها التى تحصل منها بالزراعة من غير عوض عرفا وعادة وهو معنى الاعارة (١).

واذا استعار أرضا بيضاء للزراعة يكتب المستعير: انك أطعمتنى أرضك لأزرعها، عند أبى حنيفة.

وقال محمد وأبو يوسف: يكتب انك أعرتنى، لأن لفظة الاعارة هى الموضوعة لهذا العقد، والكتابة بالموضوع له أولى كما فى اعارة الدار.

ولأبى حنيفة: ان لفظة الاطعام أدل على المراد من الاعارة، لأنها تختص بالزراعة، واعارة الأرض تارة تكون للزراعة وتارة تكون للبناء ونحوه فكانت الكتابة بلفظ‍ الاطعام أولى ليعلم أن غرضه الزراعة. بخلاف الدار لأنها لا تعار الا للسكنى (٢).

[مذهب المالكية]

تنعقد الاعارة بكل ما يدل على تمليك المنفعة بغير عوض، من قول كأعرتك، أو نعم جوابا لأعرنى أو فعل كمناولة مع تقدم طلبها أو اشارة مما يدل على الرضا، وتكفى المعاطاة فيها.

فلا يشترط‍ فيها صيغة مخصوصة بل كل ما دل على تمليك المنفعة بغير عوض كاف.

ويجوز للشخص أن يقول لآخر: أعنى بثورك اليوم على أن أعينك بثورى غدا، ويكون ذلك اجارة لا اعارة.

وسيأتى تفصيل هذا فى «اشتراط‍ العوض فى عقد الاعارة» (٣).

[مذهب الشافعية]

لا تنعقد الاعارة عندهم الا بايجاب وقبول، لأنها ايجاب حق الآدمى فلا يصح الا بالايجاب والقبول كالبيع (٤) والأصح - فى ناطق اشتراط‍ لفظ‍ يشعر بالاذن أو بطلبه، اذ الانتفاع بملك الغير يتوقف على ذلك.

ويلحق بذلك كتابة مع نية التعاقد.

واشارة أخرس مفهمة.

واللفظ‍ المشعر بذلك، كأعرتك هذا، أو أعرتك منفعته وان لم يضفه للعين، أو أعرنى أو ما يؤدى معنى ذلك كأبحتك منفعته، أو خذه لتنتفع به، أو أركبتك دابتى، أو أركبنى دابتك.

ويكفى لفظ‍ أحد المتعاقدين مع فعل الآخر وان تأخر أحدهما عن الآخر بزمن طويل لأنه لا يشترط‍ الفور فى القبول هنا ولأنه حيث


(١ و ٢)) من البدائع ج ٦ ص ٢١٤ والعناية والهداية تكملة فتح القدير ج ٧ ص ١٠٢ - ١٠٣، ١١٢، حاشية بن عابدين ج ٤ ص ٥٢٥ و ٥٢٦ والجوهرة ج ١ ص ٣٥٠، ٣٥١ الطبعة الاولى للمطبعة الخيرية سنة ١٣٢٢، الاختيار ج ٢ ص ١١٩
(٣) شرح الخرشى ج ٦ ص ١٤٢، ١٤٣ وحاشية الدسوقى على الشرح الكبير للدردير ج ٣ ص ٤٤٠ وحاشية الصاوى والشرح الصغير ج ٢ ص ٢٢٧ ومنح الجليل ج ٣ ص ٤٨٧
(٤) المهذب ج ١ ص ٣٦٣ طبعة الحلبى.