للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أن طلاق السكران غير لازم وكذلك من فقد عقله بغير الخمر (١)، ولا يجوز عتق من لا يبلغ ولا يعتق من لا يعقل من سكران أو مجنون ولا عتق مكره ولا من لم ينو العتق لكن أخطأ لسانه الا أن هذا وحده ان قامت عليه بينة ولم يكن له الا الدعوى قضى عليه بالعتق، وأما بينه وبين الله تعالى فلا يلزمه لقول الله عز وجل: «لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ٢» فصح أن السكران لا يعلم ما يقول، ومن لا يعلم ما يقول لا يلزمه ما يقول حتى لو كفر بكلام لا يدرى ما هو لم يلزمه ولقول الله عز وجل: «وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ ٣» ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) والمجنون والسكران والمكره لا نية لهم، وكذلك من أخطأ لسانه وليس من هؤلاء أحد أخلص لله الدين بما نطق به العتق فهو باطل، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ‍، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (عفى لأمتى عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (٤).

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار أن طلاق الصبى والمغمى عليه لا يقع ومثله طلاق المبرسم والمغمور بمرض شديد والمبنج وكل من عقله زائل غير السكران فان طلاقه واقع وان كان زائل العقل، ولو لم يبق له تمييز، ولو طلق السكران فى حال سكره فحصل الشرط‍ بعد ذلك وقع طلاقه (٥).

[مذهب الإمامية]

جاء فى شرائع الاسلام أنه لا يصح طلاق المجنون ولا السكران ولا من زال عقله باغماء أو شرب مرقد، لعدم القصد، ولا يطلق الولى عن السكران لأن زوال عذره غالب فهو كالنائم، ويطلق عن المجنون، ولو لم يكن له ولى طلق عنه السلطان أو من نصبه للنظر فى ذلك (٦).

ولا يصح ظهار الطفل ولا المجنون ولا المكره ولا فاقد القصد بالسكر أو الاغماء أو الغصب (٧).

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل ان طلاق السكران واقع ومحكوم عليه به لأن عقله موجود فيه ولو كان مغمورا، ولزم طلاق المعتوه عند جابر بن زيد وضمام رحمهما الله تعالى لا أبى عبيدة، وهو من يجن تارة ويصحو أخرى وهو المختلط‍ العقل - الا ان بان أنه طلق حال جنونه، وقيل يحكم بغالب أمره ما لم يتبين طلاقه. أما طلاق المجنون فلا يقع اجماعا، وقيل ان السكران لا يلزم طلاقه كالمجنون، قال صاحب شرح النيل:

التحقيق أنه ان بقى له بعض تمييز لزم والا فلا، وقيل: السكران لدواء شربه لا يلزمه طلاق، والسكران لشراب نحو الخمر يلزمه، والايلاء والظهار والعتق كالطلاق فى هذا ولا يصح بيعه ولا شراؤه ولا هبته ولا تزوجه وسواء سكر بنفسه أو أكره على شرب المسكر فشرب فسكر خلافا


(١) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج‍ ١٠ ص ٢٠٨ مسئلة رقم ١٩٦٨ طبعة أولى طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥٢ هـ‍.
(٢) الآية رقم ٤٣ من سورة النساء.
(٣) الآية رقم ٩٨ من سورة البينه.
(٤) المحلى لابن حزم ج‍ ٩ ص ٢٠٥، ص ٢٠٦ مسئلة رقم ١٦٦٠٦ نفس الطبعة.
(٥) شرح الأزهار فى فقه الأئمة الأطهار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج‍ ٢ ص ٣٨٢ الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.
(٦) شرائع الاسلام فى مسائل الحلال والحرام للمحقق الحلى أبى القاسم نجم الدين جعفر بن الحسن ج‍ ٣ ص ١٢ بتحقيق وتعليق عبد الحسين محمد على الطبعة المحققة الأولى طبع مطبعة الآداب فى النجف الأشرف سنة ١٣٧٩ هـ‍، سنة ١٩٦٩ م.
(٧) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٦١ نفس الطبعة.