للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصالح وأنواع الأقيسة وتفاصيلها فاذا بذل جهده فيما يعرفه ووجد ما يجوز أن يعتبره امامه فارقا أو مانعا أو شرطا وهو ليس فى الحادثة الى أن يروم تخريجها حرم عليه التخريج وان لم يجد شيئا بعد بذل الجهد.

وتمام المعرفة جاز له التخريج حينئذ.

وكذلك القول فى امامه مع صاحب الشرع لا بد أن يكون امامه موصوفا بصفات الاجتهاد التى بعضها ما تقدم اشتراطه فى حق المقلد المخرج ثم بعد اتصافه بصفات الاجتهاد ينتقل الى مقام بذل الجهد فيما عمله من القواعد وتفاصيل المدارك فاذا بذل جهده ووجد حينئذ ما يصلح أن يكون فارقا أو مانعا أو شرطا قائما فى الفرع الذى يروم قياسه على كلام صاحب الشرع حرم عليه القياس ووجب التوقف وان غلب على ظنه عدم جميع ذلك وان الفرع مساو للصورة التى نص عليها صاحب الشرع ووجب عليه الالحاق حينئذ وكذلك مقلده.

وحينئذ بهذا التقرير يتعين على من لا يشتغل بأصول الفقه لا يخرج فرعا أو نازلة على أصول مذهبه ومنقولاته وان كثرت منقولاته جدا فلا تفيد كثرة المنقولات مع الجهل بما تقدم كما أن امامه لو كثرت محفوظاته لنصوص الشريعة من الكتاب والسنة وأقضية الصحابة رضى الله تعالى عنهم ولم يكن عالما بأصول الفقه حرم عليه القياس والتخريج عن المنصوصات من قبل صاحب الشرع بل حرم عليه الاستنباط‍ من نصوص الشارع لأن الاستنباط‍ فرع معرفة أصول الفقه.

فهذا الباب المجتهدون والمقلدون فيه سواء فى امتناع التخريج بل يفتى كل مقلد وصل الى هذه الحالة التى هى ضبط‍ مطلقات امامه فتأمل ذلك فالناس مهملون له اهمالا شديدا ويقتحمون على الفتيا فى دين الله تعالى.

[ما يشترط‍ فى المفتى: ثانيا فى الفقه]

جاء فى البحر الرائق (١): شرط‍ المفتى اسلامه وعدالته ولزم منها اشتراط‍ بلوغه وعقله فترد فتوى الفاسق والكافر وغير المكلف اذ لا يقبل خبرهم.

فى الدر المختار لابن عابدين (٢): وشرط‍ بعضهم تيقظه قال ابن عابدين احترازا عمن غلب عملية الغفلة والسهو ثم قال: وهذا شرط‍ لازم فى زماننا فان العادة اليوم أن من صار بيده فتوى المفتى استطال على خصمه وقهره بمجرد قوله أفتانى المفتى بأن الحق معى والخصم جاهل لا يدرى ما فى الفتوى.

فلا بد أن يكون المفتى متيقظا يعلم رحيل الناس ودسائسهم فاذا جاء السائل يقرره من لسانه ولا يقول له ان كان كذا فالحق معك وان كان كذا فالحق مع خصمك لأنه يختار لنفسه ما ينفعه ولا يعجز عن اثباته بشاهدى زور، بل الأحسن أن يجمع بينه وبين خصمه.

فاذا ظهر له الحق مع أحدهما كتب الفتوى لصاحب الحق، وليحترز من الوكلاء فى الخصومات، فان أحدهم لا يرضى الا باثبات دعواه لموكله بأى وجه أمكن ولهم مهارة فى الحيل والتزوير وقلب الكلام وتصوير الباطل بصورة

وقال فى الدر المختار (١) ولا يشترط‍ حريته أى غرضه الفاسد فلا يحل للمفتى أن يعينه على ضلاله.

وقد قالوا من جهل بأهل زمانه فهو جاهل.

وقد يسأل عن أمر شرعى وتدل القرائن للمفتى المتيقظ‍ أن مراده التوصل الى غرض فاسد


(١) انظر البحر الرائق شرح كنز الحقائق لابن نجيم ج‍ ٦ ص ٢٨٦ وما بعدها طبع المطبعة العلمية بمصر سنة ١٣١٦ هـ‍ الطبعة الأولى.
(٢) انظر رد المحتار على شرح تنوير الأبصار وحاشية ابن عابدين عليه ج‍ ٤ ص ٤١٨، ٤١٩ وما بعدهما طبع المطبعة الكبرى الأميرية سنة ١٣٢٥ هـ‍ الطبعة الأولى.