للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الشافعية]

جاء فى المهذب: (١) من قتل فى دار الحرب قتلا يوجب القصاص أو اتى بمعصية توجب الحد وجب عليه ما يجب فى دار الاسلام لأنه لا تختلف الداران فى تحريم الفعل فلم تختلفا فيما يجب به من العقوبة.

ثم قال: (٢) ومن أتى من أهل الذمة محرما يوجب عقوبة نظرت فان كان ذلك محرما فى دينه كالقتل والزنا والسرقة والقذف وجب عليه ما يجب على المسلم.

والدليل عليه ما روى أنس رضى الله عنه أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لها بحجر فقتله رسول الله صلّى الله عليه وسلم بين حجرين وروى ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلّم أتى بيهوديين قد فجرا بعد احصانهما فأمر بهما فرجما، ولأنه محرم فى دينه وقد التزم حكم الاسلام بعقد الذمة فوجب عليه ما يجب على المسلم وان كان يعتقد اباحته كشرب الخمر لم يجب عليه الحد لأنه لا يعتقد تحريمه فلم يجب عليه عقوبة كالكفر فان تظاهر به عزر لأنه اظهار منكر فى دار الاسلام فعزر عليه.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى: (٣) من أسر أسيرا لم يكن له قتله حتى يأتى به الامام فيرى فيه رأيه، لأنه اذا صار أسيرا فالخيرة فيه الى الامام.

وقد روى عن أحمد كلام يدل على اباحة قتله فانه قال: لا يقتل أسير غيره الا أن يشاء الوالى فمفهومه أن له قتل أسيره بغير اذن الوالى، لأن له أن يقتله ابتداء فكان له قتله دواما كما لو هرب منه أو قاتله فان امتنع الأسير أن ينقاد معه فله اكراهه بالضرب وغيره فان لم يمكنه اكراهه فله قتله وان خافه أو خاف هربه فله قتله أيضا وان امتنع من الانقياد معه لجرح أو مرض فله قتله أيضا وتوقف أحمد عن قتله.

والصحيح أنه يقتله كما يذفف (أى يجهز) على جريحهم، ولأن تركه حيا ضرر على المسلمين وتقوية للكفار فتعين القتل كحالة الابتداء اذا أمكنه قتله وكجريحهم اذا لم يأسره فأما أسير غيره فلا يجوز له قتله الا أن يصير الى حال يجوز قتله لمن أسره.

وقد روى يحيى بن أبى كثير أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يتعاطين أحدكم أسير صاحبه اذا أخذه فيقتله رواه سعيد، فان قتل أسيره وأسير غيره قبل ذلك أساء


(١) المهذب ج ٢ ص ٢٤١.
(٢) المرجع السابق ج ٢ ص ٢٥٦.
(٣) المغنى ج ١٠ ص ٤٠٧.