للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مذهب الإمامية: "إمساك المبيع والثمن":

يجوز للبائع إمساك المبيع وحبسه عن المشترى ليتقابضا أو ليقبض الثمن حيث شرط تقدم قبضه. وكذلك يجوز للمشترى ذلك بالنسبة للثمن (١).

وإذا أطلق المتعاقدان عقد البيع عن شرط تأخير أحد العوضين أو تأخيرهما إذا كانا عينين أو أحدهما اقتضى ذلك وجوب تسليم المبيع والثمن فيتقابضا معًا لو تمانعا من التقدم، سواء كان الثمن عينًا أو دينًا. وإنما لم يكن أحدهما أولى بالتقدم لتساوى الحقين عند وجوب تسليم كل منهما إلى مالكه. فإن امتنع أحدهما أجبره القاضي وإن امتنعا أجبرا معًا من غير أولوية في تقديم الإجبار.

وقال الطوسى: على القاضي أن يجبر البائع على تسليم المبيع أولًا، لأن الثمن تابع للمبيع ثم يجبر المشترى على تسليم الثمن بعد ذلك إن كان موسرًا. وإن كان معسرًا فللبائع فسخ البيع بغير قضاء القاضي. وإن كان غائبًا عن البلد احتفظ على السلعة فإن تأخر فللبائع فسخ البيع أو الصبر إلى أن يحضر. والرأى الأول أشبه ويضعف الثاني باستواء العقد في إفادة الملك لكل منهما. ولو تلف المبيع خلال إمساك البائع له وقبل قبض المشترى فمن ضمان البائع مطلقًا مع أن النماء المنفصل المتجدد بين العقد والتلف للمشترى.

وإن تلف البعض أو تعيّب من قبل الله سبحانه أو من قبل البائع تخير المشترى بين الإمساك مع أرش العيب وبين الفسخ. ولو كان العيب من قبل أجنبى فالأرش عليه للمشترى إن أمسك المبيع وللبائع إن فسخ البيع؛ وإن كان من قبل المشترى استقر الثمن في ذمته إن لم يكن البائع قبضه، وإن كان قبضه لم يرجع به المشترى ويضمن البائع أجرة المبيع إذا أمسكه عن المشترى بغير حق. أما لو أمسكه وحيسه عنه ليتقابضا أو ليقبض الثمن الذي شرط تقدم قبضه فلا أجرة عليه، وذلك للإذن في إمساكه شرعًا.

وحيث يكون الإمساك سائغًا فالنفقة على المبيع خلال إمساكه تكون على المشترى، لأنه ملكه. فإن امتنع من الإنفاق رفع البائع آمره إلى القاضي ليجبره عليه. فإن تعذر أنفق بنية الرجوع ورجع كنظائره (٢).

ولو اشترى شخص شيئين صفقة واحدة فوجد بأحدهما عيبًا لم يكن له رد المعيب وإمساك الآخر بل يتخير في ردهما معًا أو إمساكهما وأخذ أرش العيب، سواء كانا مما ينقصهما التفريق أم لا، وسواء حصل القبض أم لا (٣).

ولو اشترى اثنان شيئا صفقة فوجداه معيبًا كان لهما الرد بالعيب جميعًا. وإن أراد أحدهما


(١) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية لعلى بن أحمد العاملى جـ ١ ص ٣٣٦ الطبعة الأولى بمطبعة دار الكتاب العربى.
(٢) المرجع السابق جـ ١ ص ٣٣٥ - ٣٣٦ الطبعة السابقة.
تحرير الأحكام ليوسف بن مطهر الحلى جـ ١ ص ١٧٥ - ١٧٦ طبعة حجر سنة ١٣١٤ هـ.
الخلاف في الفقه للطوسى جـ ١ ص ٥٧١ رقم ٢٣٩ طبع مطبعة رنكين بطهران.
(٣) تحرير الأحكام السابق جـ ١ ص ١٨٣ الطبعة السابقة.