للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير (١): أنه اذا صلى بالاجتهاد الى جهة ثم أراد صلاة أخرى لزمه اعادة الاجتهاد فان تغير اجتهاده عمل بالثانى ولم يعد ما صلى بالأول كما لو تغير اجتهاد الحاكم عمل بالثانى فى الحادثة الثانية ولم ينقض حكمه الأول وهذا لا نعلم فيه خلافا.

فان تغير اجتهاده فى الصلاة استدار الى الجهة الثانية وبنى على ما مضى من صلاته، نص عليه أحمد فى رواية الجماعة.

وقال ابن أبى موسى والآمدى لا ينتقل ويمضى على اجتهاده الأول لئلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد.

يدل لنا أنه مجتهد أداه اجتهاده الى جهة فلم يجز له الصلاة الى غيرها، كما لو أراد صلاة أخرى، ولأنه أداه اجتهاده الى غير هذه الجهة فلم يجز له الصلاة اليها كسائر محال الوفاق وليس هذا نقضا للاجتهاد وانما يعمل به فى المستقبل كما فى الصلاة الأخرى.

وانما يكون نقضا للاجتهاد لو ألزمناه اعادة ما مضى من صلاته ولم نعتد له به فان لم يبن اجتهاده وظنه الى الجهة الاولى، ولم يؤده اجتهاده الى الجهة الأخرى فانه يبنى على ما مضى من صلاته، لأنه لم يظهر له أخرى يتوجه اليها.

فان بان له تعين الخطأ فى الصلاة بمشاهدة أو خبر عن يقين استدار الى جهة الصواب وبنى كأهل قباء لما أخبروا بتحويل القبلة استداروا اليها وبنوا.

وان شك فى اجتهاده لم يزل عن جهته لأن الاجتهاد ظاهر فلا يزول عند الشك.

وان بان له الخطأ ولم يعرف جهة القبلة كرجل كان يصلى الى جهته فرأى بعض منازل القمر فى قبلته ولم يدر أهو فى المشرق أو المغرب واحتاج الى الاجتهاد بطلت صلاته لأنه لا يمكنه استدامتها الى غير القبلة وليست له جهة يتوجه اليها فبطلت لتعذر اتمامها.

واذا اختلف المجتهدان (٢): ففرض كل واحد منهما الصلاة الى الجهة التى يؤديه اجتهاده اليها أنها القبلة لا يسعه تركها ولا تقليد صاحبه سواء كان أعلم منه أو لم يكن كالعالمين يختلفان فى الحادثة.

ولو أن أحدهما اجتهد فأراد الآخر تقليده من غير اجتهاد لم يجز له ذلك ولا يسعه الصلاة حتى يجتهد سواء اتسع الوقت أو كان ضيقا يخشى خروج وقت الصلاة كالحاكم لا يسوغ له الحكم فى حادثة بتقليد غيره.

وقال القاضى ظاهر كلام أحمد فى المجتهد الذى يضيق الوقت عن اجتهاده أن له تقليد غيره وأشار الى قول أحمد فيمن هو فى مدينة فتحرى فصلى لغير القبلة فى بيت يعيد، لأن


(١) المغنى لأبن قدامه المقدسى ومعه الشرح الكبير على متن المقنع للامام شمس الدين أبى الفرج بن أحمد بن قدامه المقدسى ج ١ ص ٤٧٠، ص ٤٧١ الطبعة الاولى طبع مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤٨ هـ‍
(٢) المرجع السابق ومعه الشرح الكبير على متن المقنع للامام شمس الدين أبى الفرج ابن احمد بن قدامة المقدسى ج ١ ص ٤٧٢ ص ٤٧٣ الطبعة السابقة.