للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه أن يسأل قال: فقد جعل فرض المحبوس السؤال وهذا غير صحيح.

وكلام أحمد انما يدل على أنه ليس لمن فى المصر الاجتهاد لأنه يمكنه التوصل الى القبلة بطريق الخبر والاستدلال بالمحاريب بخلاف المسافر.

وليس فيه دليل على أنه يجوز له تقليد المجتهدين فى محل الاجتهاد عند ضيق الوقت.

ألا ترى أن أبا عبد الله لم يفرق بين ضيق الوقت وسعته مع اتفاقنا على انه لا يجوز له التقليد مع سعة الوقت ولأن الاجتهاد فى حقه شرط‍ لصحة الصلاة فلم يسقط‍ بضيق الوقت مع امكانه كسائر الشروط‍.

والمجتهد اذا صلى بالاجتهاد (١) الى جهة ثم بان أنه صلى الى غير جهة الكعبة يقينا لم يلزمه الاعادة.

وكذلك المقلد الذى صلى بتقليده لما روى عامر بن ربيعة عن أبيه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر فى ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنزل «فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ» (٢): رواه ابن ماجه والترمذى، وقال حديث حسن الا أنه من حديث أشعث السمان وفيه ضعف.

وعن عطاء عن جابر رضى الله تعالى عنهما قال: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فى مسيرة فأصابنا غيم فتحيرنا فاختلفنا فى القبلة فصلى كل رجل منا على حدة وجعل أحدنا يخط‍ بين يديه لنعلم أمكنتنا فذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأمر بالاعادة وقال: «قد أجزأتكم صلاتكم» رواه الدارقطنى وقال رواه محمد بن سالم عن عطاء.

ويروى أيضا عن محمد بن عبد الله العمرى عن عطاء وكلاهما ضعيف وقال العقيلى لا يروى هذا الحديث من وجه يثبت.

وروى مسلم فى صحيحه أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يصلى نحو بيت المقدس فنزلت: «قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ» (٣). فمر رجل ببنى سلمة وهم ركوع فى صلاة الفجر وقد صلوا ركعة فنادى ألا ان القبلة قد حولت فمالوا كما هم نحو البيت ومثل هذا لا يخفى على النبى صلى الله عليه وآله وسلّم ولا يترك انكاره الا وهو جائز، وقد كان ما مضى من صلاتهم بعد تحويل القبلة الى الكعبة وهو صحيح، ولأنه أتى بما أمر فخرج عن العهدة، كالمصيب، ولأنه صلى الى غير الكعبة للعذر فلم تجب عليه الاعادة كالخائف يصلى الى غيرها، ولأنه شرط‍ عجز عنه فأشبه سائر الشروط‍.


(١) المغنى لابن قدامه المقدسى ومعه الشرح الكبير ج ١ ص ٤٨٥، ص ٤٨٦، ص ٤٨٧، ص ٤٩٠، الطبعة السابقة.
(٢) الاية رقم ١١٥ من سورة البقرة
(٣) الاية رقم ١٤٤ من سورة البقرة