للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما لا يجوز وهو اختيار المزنى، لأنه بعد سد الرمق غير مضطر فلا يجوز له أكل الميتة كما لو أراد أن يبتدئ بالأكل وهو غير مضطر.

والثانى: يحل لأن كل طعام جاز أن يأكل منه قدر سد الرمق جاز له أن يشبع منه كالطعام الحلال (١).

وفى نهاية المحتاج: من لم يجد طعاما حلالا ووجد طعاما محرما وهو مضطر الى الأكل لدفع الجوع، فان توقع طعاما حلالا يجده قريبا ولم يخش محذورا قبل وصوله لم يجز غير سد الرمق (أى بقية الروح) وان لم يتوقع فان له أن يشبع فى قول حيث يكسر سورة الجوع (٢)، بحيث لا يسمى جائعا لا أن لا يجد للطعام مساغا، أما ما زاد على ذلك فحرام قطعا.

ولو شبع فى حالة امتناعه، ثم قدر على الحلال لزمه - ككل من تناول محرما - التقيؤ ان أطاقه، بأن لم يحصل له منه مشقة لا تحتمل عادة.

والأظهر سد الرمق فقط‍ لانتفاء الاضطرار بعده نعم أن توقف قطعه لبادية مهلكة على الشبع وجب (٣).

[مذهب الحنابلة]

يحرم الأكل من الميتة حال الاختيار لقوله تعالى: {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ} (٤) ومن اضطر الى الميتة فلا يأكل منها الا ما يأمن معه الموت، فيباح له أكل ما يسد الرمق، ويحرم ما زاد على الشبع.

وليس للمضطر فى سفر المعصية الأكل من الميتة (٥).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى: لا يحل شئ من أكل الخنزير أو الصيد الحرام أو الميتة أو الدم أو لحم السبع الطائر أو ذى الأربع أو الحشرة أو الخمر أو غير ذلك مما حرم الله عز وجل من الماكل والمشارب الا عند الضرورة - حاشا لحوم بنى آدم وما يقتل من تناوله فلا يحل من ذلك شئ أصلا - لا بضرورة ولا بغيرها فمن اضطر الى شئ مما ذكر قبل ولم يجد مال مسلم أو ذمى فله أن يأكل حتى يشبع، ويتزود حتى يجد حلالا فاذا وجده عاد الحلال من ذلك حراما كما كان عند ارتفاع الضرورة.

وحد الضرورة أن يبقى يوما وليلة لا يجد فيها ما يأكل أو يشرب، فان خشى الضعف المؤذى الذى ان تمادى أدى


(١) المجموع للنووى ج ٩ ص ٣٩، ص ٤.
(٢) السورة الثورة والحدة وفى حديث عائشة رضى الله عنها انها ذكرت زينب رضى الله عنها فقالت: كل خلالها محمود ما خلا سورة من غرب أى ثورة من حدة (النهاية فى غريب الحديث والاثر لابن الاثير ج ٢ ص ٤٢٠ طبعة الحلبى.
(٣) نهاية المحتاج ج ٨ ص ١٥١.
(٤) سورة البقرة الاية رقم ١٧٣.
(٥) المغنى لابن قدامه ج ١١ ص ٧٣، ص ٧٥.