للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم. فدل قول رسول الله صلى عليه وسلم على اختلاف حكم الأهلية عن حكم الوحشية.

وقد ثبت أن الحكم فى الأهلية الحرمة لما ذكرنا من الدلائل فكان حكم الوحشية الحل ضرورة.

وروى أن رجلا من فهر جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو بالروحاء، ومع الرجل حمار وحشى عقره فقال:

هذه رميتى يا رسول الله وهى لك فقبله النبى صلّى الله عليه وسلّم وأمر سيدنا أبا بكر رضى الله تعالى عنه فقسمه بين الرفاق.

والحديث وان ورد فى حمار الوحش لكن احلال الحمار الوحشى احلال للظبى والبقر الوحشى والابل الوحشى من طريق الأولى، لأن الحمار الوحشى ليس من جنسه من الأهلى ما هو حلال بل هو حرام وهذه الأشياء من جنسها الأهلى ما هو حلال فكانت أولى بالحل. هذا حكم المتوحش من من البهائم.

أما المتوحش من السباع - وهو كل ذى ناب من السباع - فلا يحل لما روى فى الخبر المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن أكل كل ذى ناب من السباع وعن الزهرى رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم كل ذى ناب من السباع حرام، فذو الناب من سباع الوحش مثل الأسد والذئب والضبع والنمر والفهد والثعلب والسنور البرى والسنجاب والفنك والسمور والدلق والدب والقرد والفيل ونحوه فلا خلاف فى هذه الجملة أنها محرمة (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى شرح الخرشى أن الحيوان الوحشى الذى لم يفترس - أى لم يعد - كحمر الوحش والغزلان مباح الأكل (٢) وأنه يكره سبع وثعلب وذئب وهر وان كان وحشيا هذا ان لم يفترس، وهذا مذهب المدونة لقول مالك فيها، لا أحب أكل السبع ولا الثعلب ولا الهر الوحشى ولا الانسى ولا شئ من السباع ورواه العراقيون عن مالك، ولقوله تعالى «قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ.» (٣) فهذه الآية دلت على عدم تحريم


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٥ ص ٣٩ نفس الطبعة السابقة.
(٢) شرح الخرشى للمحقق الفاضل سيدى أبى الضياء خليل وبهامشه حاشية العدوى ج ٣ ص ٢٦ الطبعة الثانية طبع مطبعة الكبرى الأميرية بمصر المحمية سنة ١٣١٧ هـ‍.
(٣) الآية رقم ١٤٥ من سورة الأنعام.