للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يعتقده باطلا وقد تبين وجود شرط‍ صحته، وهذا يبين أن للمسألة التفاتا الى مسئلة بيع الهازل والمشهور بطلانه وهو قول القاضى.

وقال ابو الخطاب فى انتصاره هو صحيح، وهذا يرجح وجه بطلان البيع فى المسائل المبدوء بها (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى الأحكام فى اصول الاحكام أن الأصل الذى تجرى عليه الفتيا انه لا شئ على الناسى لقول الله عز وجل:

«وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ» (٢) فلا يخرج عن هذا النص الا ما اخرجه نص او اجماع، فلهذا النص ولما اخبر فيه ابو العباس احمد بن عمر العذرى باسناده عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ان الله تجاوز لى عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».

ففى هذا الحديث نص التسوية بين العمل المقصود نسيانا بغير نية وبين الخطأ الذى لم يقصد فلهذا ولنصوص أخر لم يبطل صوم من أفطر ناسيا غير ذاكر لصومه، ولا بطلت صلاة من تكلم أو عمل أو أكل ناسيا فى صلاته غير ذاكر انه فى صلاة، وهكذا كل نسيان الا نسيانا استثناه من هذا النص نص آخر أو اجماع، كما صح من الاجماع المتيقن المقطوع به أن من أحدث بشئ يخرج من مخرجيه من غائط‍ أو بول أو ريح أو مذى أو ودى أو منى ناسيا بطلت طهارته على كل حال بالنسيان والعمد، وبالضرورة ندرى انه لم يزل الناس يحدثون فى كل يوم من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم يوجب الوضوء من ذلك فصح اجماع منقول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك النوم لأنه لا يكون الا بغلبة أبدا لا بقصد ولو قصد المرء دهره كله ان ينام لم يقدر الا أن يغلبه النوم، وأما سائر الأحداث التى لا اجماع فيها فانها لا تنقض الطهارة عندنا الا بالقصد والعمد لا بالنسيان كاللمس للنساء وكمس الفرج. وكذلك الأمر فيمن ذبح او نحر أو تصيد فلم يسم الله تعالى ناسيا أو عامدا فكلاهما سواء لا يحل أكل شئ من ذلك لأن النص ورد بأن لا نأكل مما لم يذكر اسم الله تعالى عليه، قال الله عز وجل:

«ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وانه لفسق» (٣).

وقال عز وجل:

«فكلوا مما أمسكن عليكم وأذكروا اسم الله عليه» (٤).

فلما كان ما ذكاه الناس للتسمية مما لم يذكر اسم الله عليه بلا شك كان مما نهينا عن أكله بالنص.


(١) المرجع السابق ص ١١٧، ١١٨ القاعدة الخامسة والستون نفس الطبعة.
(٢) الآية رقم ٥ من سورة الأحزاب
(٣) الآية رقم ١٢١ من سورة الأنعام
(٤) الآية رقم ٤ من سورة المائدة