للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زوال ملك المرتد بسبب

الردة سواء التحق أم لا

[مذهب الحنابلة]

قال فى المغنى (١): ان المرتد لا يحكم بزوال ملكه بمجرد ردته فى قول أكثر أهل العلم. قال ابن المنذر أجمع على هذا كل من نحفظ‍ عنه من أهل العلم، فعلى هذا ان قتل أو مات زال ملكه بموته وان راجع الاسلام فملكه باق له.

وقال أبو بكر يزول ملكه بردته وان راجع الاسلام عاد اليه تمليكا مستأنفا لأن عصمة نفسه وماله انما تثبت باسلامه فزوال اسلامه يزيل عصمتهما كما لو لحق بدار الحرب ولأن المسلمين ملكوا اراقة دمه بردته فوجب ان يملكوا ماله بها. ولنا أنه سبب يبيح دمه فلم يزل ملكه كزنا المحصن وزوال العصمة لا يلزم منه زوال الملك بدليل الزانى المحصن والقاتل فى المحاربة وأهل الحرب فان ملكهم ثابت مع عصمتهم. ولو لحق المرتد بدار الحرب لم يزل ملكه لكن يباح قتله لكل أحد من غير استتابة وأخذ ماله لمن قدر عليه لأنه صار حربيا حكمه حكم أهل الحرب ثم قال فى موضع (٢) آخر.

وان لحق بدار الحرب أو تعذر قتله مدة طويلة فعل الحاكم ما يرى الحظ‍ فيه من بيع الحيوان الذى يحتاج الى النفقة وغيره وأجاره ما يرى ابقاءه والمكاتب يؤدى الى الحاكم فاذا أدى عتق لأنه نائب عنه ثم قال فى موضع (٣) آخر.

وان لحق المرتد بدار الحرب فالحكم فيه كالحكم فيمن هو فى دار الاسلام الا ان ما كان معه من ماله يصير مباحا لمن قدر عليه كما أبيح دمه وأما أملاكه وماله الذى فى دار الاسلام فملكه ثابت فيه ويتصرف فيه الحاكم بما يرى المصلحة فيه لأنه حى فلم يورث كالحربى الأصلى وحل دمه لا يوجب توريث ماله وانما حال ماله الذى معه لأنه زال العاصم له فأشبه مال الحربى الذى فى دار الحرب واما الذى فى دار الاسلام فهو باق على العصمة كمال الحربى الذى مع مضاربه فى دار الاسلام أو عند مودعه.

[الرق بالنسبة للمرتد]

أما لحوق الزوجين بدار الحرب فقال (٤) فى المغنى واذا ارتد الزوجان ولحق بدار الحرب لم يجر عليهما ولا على أحد من أولادهما ممن كانوا قبل الردة رق. وجملة ذلك ان الرق لا يجرى على المرتد سواء كان رجلا أو امرأة وسواء لحق بدار الحرب أو أقام بدار الاسلام وذلك لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم من بدل دينه فاقتلوه «ولأنه لا يجوز اقراره على كفره فلم يجز استرقاقه» ولم يثبت أن الذين سباهم أبو بكر كانوا أسلموا ولم يثبت لهم حكم الردة فان قيل فقد روى عن على أن المرتدة تسبى قلنا هذا الحديث ضعيف ضعفه


(١) كتاب المغنى لابن قدامه المقدسى والشرح الكبير عليه للخرقى ج‍ ١٠ ص ٨١، ٨٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق والشرح الكبير عليه ج‍ ١٠ ص ٨٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المغنى لابن قدامة المقدسى والشرح الكبير عليه ج‍ ١٠ ص ٨٤ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق والشرح الكبير عليه ج‍ ١٠ ص ٩٣ وما بعدها الطبعة السابقة.