للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأذن: للأب أو غيره. ولا يكفى سكوتها لحديث: (ليس للولى مع الثيب أمر) رواه أبو داود وغيره، وقال البيهقى: رواته ثقات. ولو أذنت بلفظ‍ التوكيل جاز، لأن المعنى فيهما واحد، وان قال الرافعى: الذين لقيناهم من الأئمة لا يعدونه اذنا، لأن توكيل المرأة فى النكاح باطل.

[مذهب الحنابلة]

فقد ذهبوا الى أن البكر اذا كانت صغيرة فلا اذن لها معتبر، فهم فيها كأصحاب المذاهب الأخرى، أما اذا كانت كبيرة ففيها روايتان، فقد جاء فى الشرح الكبير للمقدسى (١) فأما الاناث فللأب تزويج ابنته البكر الصغيرة التى لم تبلغ تسع سنين بغير خلاف، اذا وضعها فى كفاءة .. يجوز له ذلك مع كراهيتها وامتناعها وقد دل على ذلك قوله تعالى {(وَاللاّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ)}، فجعل للائى لم يحضن عدة ثلاثة أشهر، ولا تكون العدة ثلاثة أشهر الا من طلاق فى نكاح أو فسخ، فدل ذلك على تزويج وتطليق، ولا اذن لها يعتبر.

وقالت عائشة: (تزوجنى النبى صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست وبنى بى وأنا ابنة تسع)، متفق عليه، ومعلوم أنها لم تكن فى تلك الحال ممن يعتبر اذنها. وفى البكر البالغة العاقلة روايتان: احداهما: له اجبارها على النكاح. والثانية: ليس له ذلك، واختارها أبو بكر. لما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تنكح الأيم حتى تسأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن) فقالوا: يا رسول الله فكيف اذنها. قال: (أن تسكت) ولأنها جائزة التصرف فى مالها فلم يجز اجبارها كالثيب والرجل).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى فى المحلى (٢) وللأب أن يزوج ابنته الصغيرة البكر ما لم تبلغ بغير إذنها، ولا خيار لها إذا بلغت.

فإن كانت ثيبا من زوج مات عنها أو طلقها لم يجز للأب ولا لغيره أن يزوجها حتى تبلغ، ولا إذن لها قبل أن تبلغ. وإذا بلغت البكر والثيب لم يجز للأب ولا لغيره أن يزوجها إلا بإذنها، فإن وقع فهو مفسوخ ابدا: فاما الثيب فتنكح من شاءت وان كره الأب، واما البكر فلا يجوز لها نكاح الا باجتماع اذنها واذن ابيها. وقد بين ابن حزم الظاهرى أن اذن البكر لا يكون الا بالسكوت فقال:

وكل ثيب فاذنها فى نكاحها لا يكون الا بكلامها بما يعرف به رضاها. وكل بكر فلا يكون اذنها فى نكاحها الا بسكوتها، فان سكتت فقد أذنت ولزمها النكاح، فان تكلمت بالرضا أو بالمنع أو غير ذلك فلا ينعقد بهذا نكاح عليها. لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى البكر (اذنها صماتها).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار (٣) خاصا باذن البكر: ويعتبر رضا البكر البالغة، لقوله


(١) ح‍ ٧ ص ٣٨٦، ٣٨٧.
(٢) ح‍ ٩ ص ٤٥٨، ٤٥٩، ٤٧١.
(٣) ح‍ ٣ ص ٢٨.