للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحة الهبة أن يكون الموهوب مملوكا للواهب فلا تجوز هبة مال الغير بغير اذنه لاستحالة تمليك ما ليس بمملوك وسواء كان المملوك عينا أو دينا فتجوز هبة الدين لمن عليه الدين قياسا واستحسانا.

وأما هبة الدين لغير من عليه الدين فجائز أيضا اذا أذن له بالقبض وقبضه استحسانا.

والقياس أن لا يجوز وان أذن له بالقبض.

وجه القياس أن القبض شرط‍ جواز الهبة وما فى الذمة لا يحتمل القبض بخلاف ما اذا وهب لمن عليه لأن الدين فى ذمته وذمته فى قبضه فكان الدين فى قبضه بواسطة قبض الذمة.

ووجه الاستحسان أن ما فى الذمة مقدور التسليم والقبض ألا ترى أن المدين يجبر على تسليمه الا أن قبضه بقبض العين فاذا قبض العين قام قبضها مقام قبض عين ما فى الذمة الا أنه لا بد من الاذن بالقبض صريحا ولا يكتفى فيه بالقبض بحضرة الواهب بخلاف عين الهبة (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل نقلا عن المدونة أن من وهبك دينا له عليك فقولك قد قبلت قبض، واذا قبلت سقط‍، وان قلت لا أقبل بقى الدين بحاله.

قال أبو الحسن وان سكت فقولان.

وقال فى الشامل: وان وهب الدين لمن هو عليه والوديعة لمن هى تحت يده فقبل مضى وان لم يقل قبلت حتى مات الواهب بطلت الهبة على الأصح كأن قال لا أقبل.

وقال البرزلى وسئل أبو محمد عمن كان عليه دين فتركه صاحبه له ولم يقل الذى عليه قبلت الا أنه سمعه ثم قام صاحب الدين يطلبه وقال اذا لم يقل قبلت فليس له شئ، فأجاب اذا قال المطلوب انما سكت قبولا لذلك فالقول قوله (٢).

وجاء فى التاج والاكليل: ولو كان دينه على غيرك فوهبه لك فان أشهد بذلك وجمع بينك وبين غريمه ودفع اليك ذكر الحق ان كان عنده فهو قبض وان لم يكن كتب عليك ذكر الحق واشهد لك وأحالك عليه كان ذلك قبضا وكذلك ان أحالك به عليه فى غيبته


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر ابن مسعود الكاسانى ج ٦ ص ١١٩ الطبعة الأولى طبع مطبعة الجمالية بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ سنة ١٩١٠ م.
(٢) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن محمد بن الحطاب ج ٦ ص ٥٢ الطبعة السابقة.