للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقرأ فى كل ركعة نحوا من عشر آيات وفى المغرب يقوم مقدار ما يقرأ ثلاث آيات وفى العشاء كما فى الظهر، وهذا ليس بتقدير لازم فينبغى أن يفعل مقدار ما يحضر القوم مع مراعاة الوقت المستحب وأما المغرب فلا يفصل فيها بالصلاة عندنا لما روى النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: بين كل أذانين صلاة لمن شاء الا المغرب. وهذا نص ولان مبنى المغرب على التعجيل، وهل يفصل بالجلوس؟ قال أبو حنيفة لا يفصل وقال ابو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى: يفصل بجلسة خفيفة كالجلسة التى بين الخطبتين، ومن سنن الاقامة ما رواه الحسن عن أبو حنيفة من أن الأحسن أن يجعل أصبعيه فى أذنيه فى الأذان والاقامة ومنها أن يكون المقيم على طهارة فقد روى أبو يوسف عن أبى حنيفة أنه قال: أكره اقامه المحدث، وقيل: تجوز الاقامة على غير وضوء كالاذان، ومنها أن يكون القيم هو المؤذن، فان أقام غيره فان كان المؤذن يتأذى بذلك يكره لأن اكتساب أذى المسلم مكروه، وان كان لا يتأذى به لا يكره وذلك لما روى أن عبد الله بن زيد لما قص الرؤيا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:

لقنها بلالا، فأذن بلال. ثم أمر النبى صلي الله عليه وسلم عبد الله بن زيد فأقام وروى أن ابن أم مكتوم كان يؤذن وبلال يقيم وربما أذن بلال وأقام بن أم مكتوم ومنها: أن لا يأخذ أجرا على الاقامة فلا يحل له أخذ الأجرة على ذلك لأنه استئجار على الطاعة وذلك لا يجوز لأن الانسان فى تحصيل الطاعة عامل لنفسه فلا يجوز له أخذ الأجرة عليه، وجاء فى البحر الرائق (١): أن العدالة والذكورة والطهارة صفات كمال للمؤذن والمقيم لا شرائط‍ صحة، وأما الاسلام فينبغى أن يكون شرط‍ صحة، لكن هل يكون مسلما بذلك، قال البزازى فى فتاواه من باب السير: وان شهدوا على الذمى أنه كان يؤذن ويقيم كان مسلما سواء كان ذلك فى السفر أو الحضر والحاصل أنه لا يكون مسلما الا اذا صار ذلك عادة له مع اتيانه بالشهادتين.

[مذهب المالكية]

جاء فى الحطاب (٢): نقلا عن صاحب الطراز:

أن النية معتبرة فى الأذان والاقامة فان أراد أن يؤذن فغلط‍ فأقام لم يكن ذلك آذانا من حيث الصفة ولا ينبغى أن يعتد به اقامة لأنه لم يقصد به الاقامة، وان أراد أن يقيم فأذن لم يكن ذلك اقامة من حيث الصفة، ولا ينبغى أن يصلى بغير اقامة وقال فى الذخيرة عن الجلاب: ان أراد الأذان فأقام أو الاقامة فأذن أعاد حتى يكون على نية لفعله فيحتمل أن يريد نية التقرب لأنه قربة من القربات وقد صرح بذلك الأبهرى فى شرح مختصر ابن عبد الحكيم، واحتج بأنه قربة فتجب فيه النية لقول النبى صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى ويحتمل أن يريد نية الفعل وهى أعم من نية التقرب لوجودها فى المحرمات والمباحات بدون نية التقرب وكذلك يقول بعض الشراح: يعيد حتى يكون على صواب من فعله والأول هو الأظهر من قول الأصحاب وقال أبو الطاهر: وقيل ان أراد الأذان فأقام لا يعيد مراعاة للقول بأنها مثنى، وهذا مما يؤيد عدم اشتراط‍ نية التقرب فانه صحح الاقامة مع أنه لم يقصد التقرب بها، وجاء فى حاشية (٣) الدسوقى أنه لا يقيم أحد لنفسه بعد الاقامة ومن فعله خالف السنة قال ابن رشد: لأن السنة اقامة المؤذن دون الامام والناس. وفى كتاب ارشاد اللبيب قال المازرى كان السيورى يقيم لنفسه ولا يكتفى باقامة المؤذن، ويقول: انها تحتاج لنية والعامى لا ينويها ولا يعرف النية قال المازرى: وكذلك أنا أفعل فأقيم لنفسى، قال شيخنا: والحق أن الاقامة يكفى فيها نية الفعل كالأذان ولا تتوقف على نية القربة ونية الفعل حاصلة من المعانى، فما كان يفعله المازرى والسيورى انما يتم على اشتراط‍ نية القرية. وقال ابن فرحون: ولا يفصل المؤذن والمقيم اذا شرعا فيه


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق للامام الشيخ زين الدين الشهير بابن نجيم ج ١ ص ٢٧٨ الطبعة السابقة.
(٢) مواهب الجليل المعروف بالحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج ١ ص ٤٢٤، ص ٤٢٥ الطبعة السابقة.
(٣) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير للعالم العلامه شمس الدين محمد عرفه الدسوقى على الشرح الكبير لابى البركات سيدى احمد الدردير وبهامشه الشرح المذكور مع تقريرات للعلامه المحقق سيدى الشيخ محمد عيسى ج ١ ص ١٩٩ طبع مطبعة دار احياء الكتب العربية لاصحابها عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.