للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليتمكن من الصلاة عليه وعائشة رضى الله تعالى عنها انما ندبت المتسابين الى تجديد الوضوء تكفير الذنب سبهما، ومن توضأ ثم جز شعره أو قلم ظفره أو قص شاربه أو نتف ابطه لم يجب عليه ايصال الماء الى ذلك الموضع عند عامة العلماء لأن الوضوء قد تم فلا ينتقض الا بالحدث ولم يوجد، وهذا لأن الحدث يحل ظاهر البدن وقد زال الحدث عن الظاهر أما بالغسل أو بالمسح وما بدا لم يحله الحدث السابق، وبعد بدوه لم يوجد حدث آخر فلا تعقل ازالته ولو مس كلبا أو خنزيرا أو وطئ نجاسة لا وضوء عليه لانعدام الحدث حقيقة وحكما الا أنه اذا التزق بيده شئ من النجاسة يجب غسل ذلك الموضع والا فلا (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل أن نواقض الوضوء أحداث وأسباب، فالأحداث جمع حدث وهو ما ينقض الوضوء بنفسه والأسباب جمع سبب (٢)، وهو فى عرف الفقهاء فى نواقض الوضوء هو ما أدى الى خروج الحدث كالنوم المؤدى الى خروج الريح مثلا واللمس والمس المؤديان الى خروج المذى، والحدث يطلق على الخارج المعتاد على سبيل الصحة والاعتباد (٣)، قال ابن يونس رحمه الله تعالى: لا شئ على من خرج من دبره دود عند مالك رحمه الله تعالى قال ابن نافع: اذا لم يخالطه أذى.

قال ابن القاسم رحمه الله تعالى: وكذلك الحصاة تخرج من الاحليل الا أن يخرج بأثرها بول، قال ابن رشد رحمه الله تعالى: ان غير المعتاد لا ينقض كدود يخرج من الدبر سواء خرجت نقية أو غير نقية، قال فى الكافى: وكذلك حكم الدم، قال اللخمى رحمه الله تعالى:

وسواء خرج من الذكر أو من الدبر.

قال ابن العربى رحمه الله تعالى: وكذلك الريح من القبل لا وضوء فيه عند مالك وأبى حنيفة رحمهما الله تعالى وهو كالجشاء خلافا للشافعى رحمه الله تعالى (٤)، هذا عن الحدث الخارج على سبيل الصحة، أما الخارج على وجه السلس ففيه أقوال، فالعراقيون من أصحابنا يقولون ان ما خرج على وجه السلس لا ينقض الوضوء مطلقا وانما يستحب منه الوضوء وذكر المازرى رحمه الله تعالى رواية شاذة أن السلس ينقض مطلقا والمشهور من المذهب طريقة المغاربة أن السلس على أربعة أقسام، الأول أن يلازم ولا يفارق فلا يجب الوضوء ولا يستحب اذ لا فائدة فيه فلا ينتقض وضوء صاحبه بالبول المعتاد، والثانى أن يكون ملازمته أكثر من مفارقته فيستحب الوضوء الا أن يشق ذلك عليه لبرد أو ضرورة فلا يستحب، والثالث: أن يتساوى اتيانه ومفارقته ففى وجوب الوضوء واستحابه قولان:

قال ابن رشد القفصى رحمه الله تعالى والمشهور أنه لا يجب.

وقال ابن هارون: الظاهر الوجوب.

الرابع أن تكون مفارقته أكثر فالمشهور وجوب الوضوء خلافا للعراقيين فانه عندهم مستحب.

قال فى التوضيح: هذا التقسيم لا يخص حدثا دون حدث، وقد قال الابيانى رحمه الله


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٣٢، ص ٣٣ الطبعة السابقة
(٢) قال صاحب مواهب الجليل: الاسباب جمع سبب والسبب فى اللغة الحبل ومنه قول الله عز وجل «فليمدد بسبب الى السماء» أى فليمدد بحبل الى سقف بيته ثم استعمل السبب فى علة الشئ المؤدية اليه
(٣) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل أبى الضياء سيدى خليل لأبى عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى المعروف بالحطاب ج ١ ص ٢٩١ فى كتاب على هامشه التاج والاكليل لمختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٧٨ هـ‍
(٤) التاج والاكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف العبدرى الشهير بالمواق ج ١ ص ٢٩١ فى كتاب على هامش مواهب الجليل للحطاب الطبعة السابقة