للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محله أو لانتفاء معناه أو لعدم سلامته مما اقتضى كراهة الشارع له فنهى عنه، غير أن الحنفية يقسمون غير الصحيح قسمين: فاسد وباطل فان كان عدم صحته لخلل فى أركانه أو محله أو لانتفاء معناه كان هو الباطل وان كان لصفة فيه كرهها الشارع فنهى عنه فهو الفاسد ويقولون أنه ما شرع بأصله لا بوصفه وغير الحنفية لا يفرقون فى الحكم بين الحالين، وعلى هذا الأساس ذهب الحنفية الى أن الاجارة قد تكون صحيحة وقد تكون فاسدة وقد تكون باطلة ولكل نوع من هذه الأنواع حكمه وذهب غيرهم الى أنها اما صحيحة واما غير صحيحة ولكل من هذين النوعين حكمه «راجع مصطلح عقد».

الاجارة الصحيحة:

صفتها:

جمهور الفقهاء على أنها عقد لازم ما عدا بعض الإباضية وشريح وغيرهم ممن سيأتى ذكرهم فقد كان شريح يرى أنه يفيد اباحة لا ملكا والاباحة لا توصف باللزوم ولذا كان يرى جواز فسخها بلا عذر من أحد طرفيها أما من يرى لزومه من الفقهاء فيرى أنه لا يجوز لأحد عاقديه أن يستبد بفسخه وانما يفسخ باتفاقهما وهذا ما يسمى بالاقالة، ويكون لازما اذا ما خلا من الخيارات التى تجيز فسخه كخيار الشرط‍ والرؤية والعيب انظر مصطلح «خيار» وفيما يلى بيان المذاهب فى ذلك.

[مذهب الحنفية]

يرى الحنفية أن عقد الاجارة عقد لازم فاذا اقترن القبول فيه بالايجاب تم العقد ولزم ولم يجز لأحد العاقدين أن ينفرد بفسخه متى كان خاليا من خيار الشرط‍ أو خيار الرؤية أو خيار العيب أو غيرها من الخيارات وما يستوجب فسخه من الأعذار التى سيأتى بيانها غير أنه اذا كان مضافا كأن يؤجره داره التى فى جهة كذا ابتداء من السنة التى تلى سنة العقد فقد اختلف الحنفية فى لزومها قبل مجئ وقت اضافتها، ذهب بعضهم الى أنها تكون لازمة فلا يملك المؤجر أن يتصرف فى العين المستأجرة بمجرد تمام العقد باخراجه عن ملكه وذهب آخرون الى عدم لزومها فأجاز أن يتصرف فى العين المؤجرة بما يخرجها عن ملكه والقولان مصححان كما جاء فى الدر المختار ونقل ابن عابدين عن الخانية «لو كانت الاجارة مضافة الى الغير ثم باع من غيره قال فى المنتقى فيه روايتان والفتوى على أنه يجوز البيع وتبطل الاجارة المضافة وهو اختيار الحلوانى ثم قال: والظاهر عدم لزومها من الجانبين لا من جانب المؤجر فقط‍ فلكل فسخها كما هو مقتضى اطلاقهم» (١).

[مذهب المالكية]

ويرى المالكية أنها عقد لازم كالبيع متى كان العاقد لها رشيدا مكلفا سواء أكانت منجزة أم مضافة (٢) فقد جاء فى الشرح الصغير وشرط‍ لزومها التكليف والرشد والطوع (٣).

[مذهب الشافعية]

ويرى الشافعية أنها عقد لازم كذلك فلا يستقل أحد العاقدين بفسخها.


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ٢٠١ والدر المختار وابن عابدين ج‍ ٥ ص ٦٦.
(٢) الشرح الكبير والدسوقى عليه ج‍ ٥ ص ٣.
(٣) ج‍ ٢ ص ٢٣٢.