للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من له حق تحليف المنكر]

جاء فى (الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه): أنه إذا توجهت اليمين على المنكر فتحليفه يكون بطلب من المدعى؛ لأن اليمين المعتد بها في مقام المخاصمة المسقطة للبينات هي اليمين المطلوبة، وأنه لو حلَّفه القاضي بغير طلب خصمه لم تفده يمينه ولخصمه أن يعيدها عليه ثانية وله إقامة البينة إذا وجدها، وهو كذلك كما في ابن غازى والشيخ أحمد الزرقانى، فإذا طلب المدعى تحليفه حلَّفه القاضي يمينًا واحدة، سواء كان ما ادعى به المدعى شيئًا واحدًا أو كان أمورًا متعددة، فاليمين الواحدة كافية في إسقاط الخصومات وفى صنع إقامة البينة بعد ذلك، ولو كان المدعى به متعددًا (١).

ثم قال: ولو ادّعى شخص على آخر بحق فقال المدعى عليه للمدعى: أنت قد حلفتنى عليه سابقًا وكذَّبه المدعى، للمدعى عليه تحليف المدعى أنه لم يحلفه أولًا، ويكون القول للمدعى بيمينه، فإن حلف أنه ما حلفه قبل ذلك فله تحليفه، فإن حلف إلا غُرم، وإن نكل للمدعى عليه أن يحلف أنه قد حلفه سابقًا، ويسقط الحق، فإن نكل لزمته اليمين المتوجهة عليه ابتداءً، وبرئ، وله ردها على المدعى، قال المازرى: وكذا للمدعى عليه إذا شهدت عليه البينة تحليف المدعى أنه لم يعلم بفسق شهوده، فإن حلف بقى الأمر بحاله، فإن نكل ردت اليمين على المدعى عليه، فإن حلف سقط الحق (٢).

[إنكار المدعى عليه بعد إقراره]

إذا أقر الخصم بالحق في مجلس القاضي وحكم عليه من غير أن يشهد على إقراره ثم أنكر الخصم إقراره بعد الحكم عليه بالحق، فإن إنكاره لا يفيد، والحكم قد تم فلا ينقض. أما لو أنكر قبل الحكم عليه والحال أنه لم يحصل إشهاد على إقراره فلا يحكم عليه؛ لأنه من الحكم المستند لعلمه ما لم تكن بينة حاضرة تشهد عليه به، وهذا على المشهور، وهو قول ابن القاسم، وقال عبد الملك وسحنون: إنه يحكم عليه (٣).

[ثانيا: المدعى عليه عن اليمين]

جاء فى الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه: أنه إن نكل المدعى عليه حيث توجهت عليه اليمين في مال وما يؤول إليه كخيار وأجل استحق الطالب حقه بالنكول مع يمين منه - أي من الطالب - لا بمجرد النكول، وهذا إن حقق المدعى ما ادعى به، فالتحقيق قيد في يمينه، فإن لم يحلف المدعى سقط حقه، أما لو كان موجب توجه اليمين التي نكل عنها المدعى عليه هو التهمة؛ فإن المدعى يستحق ما داعى به بمجرد النكول؛ لأن يمين التهمة لا ترد، قال الدسوقى: وقد اختلف في توجه يمين التهمة، فمذهب المدونة في تضمين الصناع والسرقة أنها تتوجه وهو قول ابن القاسم، وقال الشهب: لا تتوجه، وعلى الأول فالمشهور أنها لا تنقلب بل يغرم المطلوب بمجرد النكول، وفى سماع عيسى من كتاب الشركة أنها تنقلب، ثم إنه على توجه يمين التهمة فإنها تتوجه، ولو كان المدعى عليه ليس من


(١) الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه: ٤/ ١٤٦.
(٢) المرجع السابق: ٤/ ١٤٧.
(٣) المرجع السابق: ٤/ ١٥٩.