للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بوجود الماء لعادمه اذا قدر على استعماله بلا ضرر لأن مفهوم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصعيد الطيب وضوء المسلم وان لم يجد الماء عشر سنين فاذا وجد الماء فأمسه جلدك «يدل على أنه ليس بوضوء عند وجود الماء، ويبطل التيمم بزوال عذر مبيح للتيمم كما لو تيمم لمرض فعوفى بزوالها ثم ان وجد الماء بعد صلاته أو طوافه لم يجب اعادته.

لما روى عطاء بن يسار رضى الله تعالى عنه قال خرج رجلان فى سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا فصليا ثم وجدا الماء فى الوقت فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال للذى لم يعد أجزأتك صلاتك، وقال للذى أعاد لك الأجر مرتين» رواه أبو داود.

وان وجد الماء فى الصلاة أو الطواف بطلت صلاته وطوافه ولو اندفق الماء قبل استعماله لأن طهارته انتهت بانتهاء وقتها فبطلت صلاته وطوافه كما لو انقضت مدة المسح وهو فى الصلاة ووجبت الاعادة ان كانت الصلاة أو الطواف فرضا، ويبطل التيمم بمبطلات وضوء كخروج شئ من سبيل وزوال عقل ومس فرج اذا كان تيممه عن حدث أصغر لأنه بدل عن الوضوء فحكمه حكمه.

ويبطل التيمم عن حدث أكبر بما يوجبه كالجماع وخروج المنى بلذة الا غسل حيض ونفاس اذا تيممت له فلا يبطل بمبطلات غسل ووضوء بل بوجود حيض ونفاس فلو تيممت بعد طهورها من الحيض له ثم أجنبت فله الوط‍ ء لبقاء حكم تيمم الحيض والوط‍ ء انما يوجب حدث الجنابة وان تيمم وعليه ما يجوز المسح عليه كعمامة وجبيرة أو خف لبسه على طهارة ثم خلعه بطل تيممه نصا فى رواية عبد الله على الخفين وفى رواية حنبل عليهما وعلى العمامة وظاهره لا فرق بين أن يكون مسح عليه قبل التيمم أولا وكذا اذا انقضت مدة المسح لأنه معنى يبطل الوضوء وهو ان اختص صورة بعضوين فانه متعلق بالأربعة حكما (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أن كل حدث ينقض الوضوء فانه ينقض التيمم، هذا ما لا خلاف فيه من أحد من أهل الاسلام (٢).

وينقض التيمم أيضا وجود الماء سواء وجده فى صلاة أو بعد أن صلى أو قبل أن يصلى فان صلاته التى هو فيها تنتقض لانتقاض طهارته ويتوضأ أو يغتسل ثم يبتدئ الصلاة ولا قضاء عليه فيما قد صلى بالتيمم.

لما حدثنا حماد باسناده عن عمران بن حصين رضى الله تعالى عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى القوم جنب فأمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فتيمم وصلى، ثم وجدنا الماء بعد فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغتسل ولا يعيد الصلاة.

وقد ذكرنا حديث حذيفة رضى الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا اذا لم نجد الماء فصح بهذه الأحاديث أن الطهور بالتراب انما هو ما لم يوجد الماء، وهذا لفظ‍ يقتضى أن لا يجوز التطهر بالتراب الا اذا لم يوجد الماء، ويقتضى أن لا يصح طهور بالتراب الا أن لا نجد الماء الا لمن أباح له ذلك نص آخر.

واذا كان هذا فلا يجوز أن يخص بالقبول


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع للشيخ منصور بن ادريس ج ١ ص ١٢٩، ص ١٣٠ فى كتاب على هامشه شرح منتهى الارادات للشيخ منصور بن يونس البهوتى الطبعة الأولى طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة ١٣١٩ هـ‍.
(٢) المحلى لأبى محمد على أحمد بن سعيد بن حزم ج ٢ ص ١٢٢، مسئلة رقم ٢٣٣ بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر طبع مطبعة النهضة بمصر سنة ١٣٤٧ هـ‍.