للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إذا أتلف مالا فى عمد أو خطأ فلا يلزم ربه أكثر من قيمته (١)، وذلك يظهر من قول صاحب النيل وشارحه «والعبد إن قتل أو قتل خطأ. أو أفسد بالخطأ مالا لم يلزم عاقلة ربه، إذ لا تعقل عبدا ولا عمدا: أى ما تعمده الإنسان - ولا اعترافا: أى ما أقر به الجانى قبل أن يبين عليه بالبينة العادلة، ولا صلحا … إلى أن قال: ولا يلزم ربه أكثر من قيمته وإن فى عمد، إن لم يأمره، وإن أمره لزمه كل ما فعل فى مال أو نفس ولو ديات أو أموالا عظيمة».

وما دام كلامنا فى جناية الآبق حين إباقه فغير معقول أن يكون سيده أمره بالإتلاف وحينئذ لا يكون على ربه أكثر من قيمته.

[بيع الآبق ومتى يجوز؟]

[الحنفية]

بيع الآبق قد يكون من المالك وقد يكون من القاضى وقد يكون من الآخذ فالمالك يصح له أن يبيعه إن كان قادرا على تسليمه للمشترى، وذلك بأن يحضر به الآخذ إلى سيده ليرده فباعه إليه السيد قبل تسليمه فعلا لأنه بالتخلية بين الأبق والراد يعتبر مسلما فقد جاء فى المبسوط‍: «وإذا انته الرجل بالعبد الآبق إلى مولاه فلما نظر إليه أعتقه فالجعل واجب … إلى أن قال:

وكذلك إن باعه مولاه من الذى أتاه به لأنه صار قابضا له لما نفذ تصرفه فيه بالتمليك من غيره». «أى الراد» (٢).

بخلاف ما إذا باعه لغير واجده فإنه لا يجوز للعجز عن التسليم.

قال صاحب المبسوط‍: «ويجوز بيع الآبق ممن أخذه» أى لمن أخذه لأن امتناع جواز بيعه من غيره لعجزه عن التسليم إليه ولا يوجد ذلك هنا لأنه بنفس العقد يصير مسلما إلى المشترى لقيام يده فيه فلهذا جاز بيعه منه (٣).

أما بيع القاضى له فإنه يكون له بيعه إذا حبسه وطالت مدة حبسه ولم يحضر صاحبه ليأخذه، وقد جاء فى فتح القدير أن طول هذه المدة يقدر بثلاثة أيام (٤).

وعلل ذلك بأن دارة النفقة أى استمرارها مستأصلة ولا نظر فى ذلك للمالك بحسب الظاهر، واعتبره فى هذا بالضالة الملتقطة.

ولكن صاحب الفتاوى الأنقروية قد ذكر نقلا عن التترخانية أن مدة هذا الحبس تقدر بستة أشهر ثم يبيعه بعدها (٥).

أما آخذه، فإنه لا يصح له بيعه إلا إذا كان ذلك بأمر القاضى فقد جاء فى المبسوط‍:

«رجل أخذ عبدا آبقا فباعه بغير إذن القاضى ثم أقام المولى بينة أنه عبده فإنه يسترده من المشترى والبيع باطل لأن الآخذ باعه بغير ولاية له فإن ولاية تنفيذ البيع له فى ملك الغير إنما تثبت بإذن المولى أو إذن القاضى بعد ما تثبت الولاية له فإذا باعه بدون إذن القاضى كان البيع باطلا (٦)».

[المالكية]

يرى المالكية أن بيع المالك للآبق حال إباقه لا يصح إلا إذا علم المبتاع مكانه وإنه عند من يسهل أخذه منه وعلم صفته، فقد قال الدسوقى فى حاشيته على الشرح


(١) ج‍ ٨ ص ١٠٧ طبعة المطبعة السلفية.
(٢) ج‍ ١١ ص ٢٠ طبعة الساسى.
(٣) ج‍ ١١ ص ٢٨ الطبعة السابقة.
(٤) ج‍ ٤ ص ٤٣ الطبعة الأميرية.
(٥) الفتاوى الأنقروية ج‍ ١ ص ١٩٨ الطبعة الأميرية
(٦) المبسوط‍ ج‍ ١١ ص ٢٦ طبعة الساسى.