الحكم به لأن حكمه بعد فسقه لا يصح فكذلك لا يجوز الحكم بكتابه، ولأن بقاء عدالة شاهدى الأصل شرط فى صحة الحكم بشاهدى الفرع، فكذلك بقاء عدالة الحاكم لأنه بمنزلة شاهدى الأصل، فان فسق بعد الحكم بكتابه لم يتغير، كما لو حكم بشئ ثم بان فسقه، فانه لا ينقض ما مضى من أحكامه كذا ههنا.
وأما ان تغيرت حال المكتوب اليه بأى حال كان من موت، أو عزل، أو فسق، فلمن وصل اليه الكتاب ممن قام مقامه قبول الكتاب والعمل به، وبه قال الحسن، وقد حكى عنه أن قاضى الكوفة كتب الى اياس بن معاوية قاضى البصرة كتابا فوصل وقد عزل وولى الحسن فعمل به.
ودليلنا أن المعول على شهادة الشاهدين بحكم الأول، أو ثبوت الشهادة عنده، وقد شهدا عند الثانى، فوجب أن يقبل كالأول، وهى ليست شهادة عند الذى مات كما يقول بعض الفقهاء، فان الحاكم الكاتب ليس بفرع، ولو كان فرعا لم يقبل وحده، وانما الفرع الشاهدان اللذان شهدا عليه، وقد أديا الشهادة عند المتجدد ولو ضاع الكتاب فشهدا بذلك عند الحاكم المكتوب اليه قبل فدل ذلك على أن الاعتبار بشهادتهما دون الكتاب.
وقياس ما ذكرناه أن الشاهدين لو حملا الكتاب الى غير المكتوب اليه فى حال حياته وشهدا عنده عمل به لما بيناه.
وأن كان المكتوب اليه خليفة للكاتب فمات الكاتب أو عزل انعزل المكتوب اليه، لأنه نائب عنه فينعزل بعزله وموته كوكلائه.
[مذهب الزيدية]
جاء فى التاج المذهب (١): ويندب للحاكم تنفيذ حكم غيره.
فاذا كتب اليه أنى قد حكمت بكذا ندب له تنفيذه سواء وافق اجتهاده أم خالفه.
ثم قال: وللحاكم أن يتولى الحكم بعد دعوى قد قامت عند حاكم غيره وكملت حتى لم يبق الا الحكم، ولا يحتاج الا الى اعادة الدعوى والشهادة وانما.
يكون له ذلك بشروط عشرة.
الأول أن يكون قد كتب اليه بذلك.
ولا يعتبر ذكر اسم القاضى المكتوب اليه فى الكتاب.
والثانى أن يكون قد أشهد أنه كتابه.
والثالث أن يكون قد أمرهم بالشهادة فلا يكفى اشهاده لهم على أنه كتابه وقراءته عليهم، بل لا بد مع ذلك أن يأمرهم بالشهادة واقامتها فى وجه الخصم.
والشرط الرابع أن يكون قد قرأه عليهم وسواء قرأه قبل الاشهاد أو بعده، فلا يكفى أن يشهدوا أن هذا كتاب الحاكم فلان حتى يقولوا قرأه علينا ونحن
(١) التاج المذهب لأحكام المذهب ج ٤ ص ١٩٥، ص ١٩٦ الطبعة السابقة.