احتمال الصفة بعيد لا يفهم حالة الاطلاق فلا يقبل تفسيره به كما لو فسر الدراهم المطلقة بأنها زيوف أو صغار أو مؤجلة حيث لا يقبل منه لأن المطلق ينصرف الى الكامل.
وان قال: له على درهم ودرهم ودرهم.
لزمته ثلاثة. وحكى ابن ابى موسى عن بعض الاصحاب انه اذا قال اردت بالثالث تأكيد الثانى وبيانه يقبل منه وظاهر المذهب انه تلزمه الثلاثة لان الواو العطف والعطف يقتضى المغايرة فوجب ان يكون الثالث غير الثانى كما كان الثانى غير الاول. والاقرار لا يقتضى تأكيدا فوجب حمله على العدد .. وكذلك الحكم اذ قال: له على درهم فدرهم فدرهم أو درهم ثم درهم ثم درهم .. وان قال: له على درهم ودرهم ثم درهم: أو درهم فدرهم ثم درهم: أو درهم ثم درهم. فدرهم - لزمته الثلاثة وجها واحدا. لأن الثالث مغاير للثانى لاختلاف حرفى العطف الداخلين عليهما فلم يحتمل التأكيد .. وان اختلف المعطوف فى العدد أو فى الحبس بان قال: له على درهم ودينار أو فدينار: أوله على درهم وقفيز حنطة أو نحو ذلك لزمه ذلك كله (١).
[الاضراب والاستدراك بعد الاقرار]
وان قال: له على درهم بل درهمان. أو له على درهم لكن درهمان - لزمه درهمان.
وبه قال الشافعى. وقال زفر وداود: نلزمه ثلاثة لأن بل للاضراب لأنه لما اقر بدرهم واضرب عنه لزمه لانه لا يقبل رجوعه عما اقر به ولزمه الدرهمان اللذان اضرب اليهما واقر بهما .. ووجه الاول أنه انما نفى الاقتصار على واحد واثبت الزيادة عليه. فأشبه بما لو قال: له على درهم بل أكثر فأنه لا يلزمه اكثر من أثنين … وان قال: له على درهم بل درهم أو لكن درهم ففيه وجهان احدهما.
يلزمه درهم واحد لابن احمد قال فيمن قال لامرأته: أنت طالق لا بل انت طالق: انها لا تطلق الا واحدة. وهذا فى معناه. ولأنه اقر بدرهم مرتين فلم يلزمه اكثر من درهم كما لو اقر بدرهم ثم انكره ثم قال: بل على درهم .. ولكن للاستدراك فهى فى معنى بل الا أن الصحيح انها لا تستعمل الا بعد الحجة الا أن يذكر بعدها جملة. والوجه الثانى. يلزمه درهمان ذكره ابن ابى موسى.
وابو بكر عبد العزيز لان ما بعد الاضراب يغاير ما قبله فيجب أن يكون الدرهم الذى اضرب عنه غير الدرهم الذى اقر به بعده فيجب الاثنان كما لو قال: له على درهم بل دينار. ولان بل من حروف العطف. المعطوف غير المعطوف عليه فوجبا جميعا كما لو قال:
له على درهم ودرهم. ولأنا لو لم نوجب عليه الا درهما جعلنا كلامه لغوا واضرابه عنه غير مفيد. والاصل فى كلام العاقل أن يكون مفيدا.
ولو كان الذى اضرب عنه لا يمكن ان يكون المذكور بعده ولا بعضه بأن اضرب الى مغاير لما أضرب عنه مثل ان يقول: له على درهم بل دينارا أو ديناران. أو له على قفيز حنطة بل قفيز شعير. أو له على هذا الدرهم بل هذان لزمه الجميع بغير خلاف. لأن الاول لا يمكن ان يكون الثانى ولا بعضه فكان
(١) المغنى ج ٥ ص ٢٩٥ وما بعدها.