للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليك، واحذرى العقوبة، ويبين لها ما يترتب على ذلك من عذاب الله تعالى في الآخرة، وسقوط النفقة والقسم في الدنيا، ثم حول ظهره إليها في المضجع - بكسر الجيم - إن لم ينجح الوعظ، ثم اعتزلها ناحية في غير فراشها، ولا يجوز ضربها إن رجا رجوعها بدونه، فإذا امتنعت من طاعته فيما يجب له ولم ينجح ذلك كله ضربها مقتصرا على ما يؤمل به رجوعها، فلا تجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به، وإلا تدرج إلى الأقوى فالأقوى ما لم يكن الضرب مدميا ولا مبرحا أي شديدا كثيرا لقول الله عز وجل: "واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن" (١) والمراد فعظوهن إذا وجدتم أمارات النشوز، واهجروهن إن نشزن، واضربوهن أن أصررن عليه، وأفهم قوله تعالى: "في المضاجع" أنه لا يهجرها في الكلام، وهذا فيما زاد عن ثلاثة أيام لقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه في الكلام فوق ثلاث" وجوز في الثلاثة إن رجا به رجوعها، ولو حصل بالضرب تلف أو إدماء ضمن. ولو نشز الزوج بمنع حقوقها الواجبة عليه من قسم ونفقة فلها المطالبة بها وللحاكم إلزامه بها فإن أساء خلقه وأذاها بضرب وغيره بلا سبب صحيح نهاه عن ذلك، فإن عاد إليه عذره بما يراه، وإن قال كل منهما أن صاحبه متعد تعرف الحاكم الحال بثقة في جوارهما يختبرهما ومنع الظالم منهما، ولو تركت الزوجة بعض حقوقها الواجبة لها عليه من قسمة ونفقة استمالة له حل له قبوله، وليس له منع بعض حقوقها لتبذل له ما لا ليخلعها، فإن فعل فبذلت أثم وصح قبوله ولم يكن إكراها، نعم لو قهرها عليه بخصوصه لم يحل (٢). وجاء في شرائع الإِسلام أنه لو ظهر من الزوجة الامتناع عن طاعة الزوج فيما يجب له جاز ضربها ولو بأول مرة، ويقتصر على ما يؤمل معه رجوعها (٣).

[مذهب الإباضية]

جاء في شرح النيل أن الزوجة تمنع الزوج من وطئها والاستمتاع بها ولو في غير الفرج أو باليد ولو أمة أو طفلة إلا إن أباح سيد الأمة. وذلك إذا أصدقها عاجلا وآجلا - سواء كان الأجل معينا مخصوصا وغير مخصوص أو كان غير معين - حتى يعطيها العاجل، وإن لم يمسها حتى حل الآجل جاز منعها له حتى يؤديهما لأن الأجل صار بحلوله كالعاجل، فلو لم يمسها حتى تزوج عليها أو تسرى أو راجع فلها منعه حتى يؤدى الاجل كما إذا أجل إلى مدة مخصوصة أو شئ مخصوص معين أو غير معين ولم يمس حتى حل الأجل فإن لها منعه حتى يؤديه، وإن مسها قهرا أو في نوم أو طفلة أو مجنونة أو أمة لم تمنعه بعد، وقيل تمنعه، وللولى منع طفلة أو مجنونة وللسيد منع أمة حتى يؤدى وللمرأة وولى الطفله والمجنونة وسيد الأمة منع الزوج الطفل والمجنون والعبد حتى يؤدى الولى والسيد. وأن أجل بوقت نحو عام أو شهر أو أطلق الأجل بحيث يحكم عليه به عند الفرقة أو النكاح أو التسرى فمسها فخرجت محرمته أو محرمة منه بوجه ما حل بذلك وانكشف الغيب أنها قد استحقته حين المس ولا يلزم الانتظار به


(١) الآية رقم ٣٣ من سورة المائدة.
(٢) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للعاملى جـ ٢ ص ١٣٣ الطبعة السابقة.
(٣) شرائع الإسلام في الفقه الإسلامي الجعفرى للمحقق الحلى جـ ٢ ص ٤١، ص ٤٢ بإشراف الشيخ محمد جواد مغنية طبع دار الحياة للطباعة والنشر ببيروت.