للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جنونه أو عزل الموكل له لأنه نائبه وسيعلم من كلامه فيما ينعزل به الوكيل أنه ينعزل بغير ذلك والثانى لا ينعزل بذلك بناء على أنه وكيل عن الموكل وإن قال وكل عنى وعين الوكيل أولا ففعل فالثانى وكيل الموكل لأنه مقتضى الإذن وكذا إن أطلق بأن لم يقل عنك ولا عنى في الأصح إذ توكيله للثالث تصرف تعاطاه بإذن الموكل وجب وقوعه عنه والثانى أنه وكيل الوكيل وكأنه قصد تسهيل الأمر عليه كما لو قال الإمام أو القاضي لنائبه استنب فاستناب فإنه نائب عنه لا عن منيبه وفرق الأول بأن الوكيل ناظر في حق موكله فحمل الإطلاق عليه وتصرفات القاضي للمسلمين فهو نائب عنهم ولذا نفذ حكمه لمستنيبه وعليه فالفرض بالاستنابة معاونته وهو راجع له قلت وفي هاتين الصورتين وهما إذا قال عنى أو أطلق لا يعزل أحدهما الآخر ولا ينعزل بانعزاله لانتفاء كونه وكيلا عنه وحيث جوزنا للوكيل التوكيل عنه أو عن الموكل يشترط أن يوكل أمينا كافيا لذلك التصرف وإن عين له الثمن والمشترى إذ شرط الاستنابة عن الغير المصلحة إلا أن يعين الموكل غيره أي الأمين فيتبع تعيينه لإذنه فيه نعم لو علم الوكيل فسقه دون موكله لم يوكله فيما يظهر كما بحثه الإسنوى كما لا يشترى ما عينه موكله ولم يعلم عيبه والوكيل يعلمه فإن عين له فاسقا فزاد فسقه امتنع توكيله أيضا كما بحثه الزركشى أخذا مما مر في نظيره في عدل الرهن لو زاد فسقه ومحل ما تقرر فيمن وكل عن نفسه فإن وكل عن غيره كولي لم يوكل إلا عدلا ومقتضى كلام المصنف عدم توكيل غير الأمين وإن قال له وكل من شئت وهو كذلك خلافا للسبكى وفارق ما لو قالت لوليها زوجنى ممن شئت حيث جاز له تزويجها من غير كفء بأن المقصود هنا حفظ المال وحسن التصرف فيه وغير الأمين لا يتأتى منه ذلك ومن ثم مجرد صفة كمال هي الكفاءة وقد يتسامح بتركها بل قد يكون غير الكفء أصلح ولو وكل الوكيل أمينا في شئ من الصورتين المتقدمتين ففسق لم يملك الوكيل عزله في الأصح والله أعلم لأنه أذن في التوكيل دون العزل والثانى نعم لأن الإذن في التوكيل يقتضى توكيل الأمناء فإذا فسق لم يجز استعماله فيجوز عزله.

[مذهب الحنابلة]

جاء في كشاف القناع (١): الوكيل أمين لا ضمان عليه فيما تلف في يده من ثمن ومثمن وغيرهما بغير تفريط ولا تعد لأنه نائب المالك في اليد والتصرف فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد المالك كالمودع سواء كان بجعل أم لا حتى لو كان له دين ولآخر عليه دين فوكله في قبض دينه وأذن له أن يستوفى حقه منه فتلف المال قبل استيفائه فإن لا يضمنه فلو قال الوكيل بعت الثوب وقبضت الثمن فتلف فأنكر البيع الموكل أو قال الوكيل بعته ولم أقبض شيئا فالقول قول الوكيل بيمينه لأنه لا يملك البيع والقبض فقبل قوله فيهما كالولى ولأنه أمين وتتعذر اقامة البينة على ذلك فلا يكلفها كالمودع، أو اختلف الوكيل والموكل في تعديه أو تفريطه في الحفظ


(١) كشاف القناع عن متن الإقناع للشيخ منصور بن إدريس الحنبلى وبهامشه شرح المنتهى للشيخ منصور بن يونس البهوتى جـ ٢، ص ٢٤٥، ص ٢٤٦، ص ٢٤٧ طبع المطبعة العامرة الشرقية سنة ١٣١٩ هـ الطبعة الأولى.