للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدعى عليه فله أن يحلفه لان هذه الدعوى غير الدعوى التى أبرأه فيها من اليمين فان حلف سقطت الدعوى لما روى وائل ابن حجر أن رجلا من حضرموت ورجلا من كندة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الحضرمى: هذا غلبنى على أرض ورثتها من أبى وقال الكندى: أرضى وفى يدى أزرعها لا حق له فيها فقال النبى صلى الله عليه وسلم: شاهداك أو يمينه قال: انه لا يتورع عن شئ فقال النبى صلى الله عليه وسلم ليس لك الا ذلك، قال فى نهاية المحتاج وأما الحصر (١) فى خبر شاهداك أو يمينه ليس لك الا ذلك انما هو حصر لحقه فى النوعين أى لا ثالث لهما وأما منع جمعهما فلا دلالة للخبر عليه، وقد لا تفيده البينة كما لو أجاب مدعى عليه بوديعة بنفى الاستحقاق وحلف عليه فلا تفيد المدعى اقامة البينة بأنه أودعه لانها لا تخالف ما حلف عليه من نفى الاستحقاق، قاله البلقينى.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع: (٢) اليمين تقطع الخصومة فى الحال ولا تسقط‍ البينة فتسمع البينة بعد اليمين، ولو رجع الحالف الى الحق وأدى ما عليه قبل منه وحل لربه أخذه، وفى هداية الراغب: أن البينة (٣) لا تسمع بعد الحلف اذا كان المدعى قد قال لا بينة لى ونحوه كما لو قال: كل بينة أقيمها فهى زور أو باطلة فانها لا تسمع بعد ذلك لانه مكذب لها وذلك بخلاف قوله: لا أعلم لى بينة فانها تسمع اذا أقامها بعد اليمين لانه ليس مكذبا لها.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى (٤): كل من أدعى على أحد وأنكر المدعى عليه فكلف المدعى البينة فقال لى بينة غائبة أو قال:

لا أعرف لنفسى بينة أو قال: لا بينة لى قيل له: ان شئت فدع تحليفه حتى تحضر بينتك أو لعلك تجد بينة وان شئت حلفته، وقد سقط‍ حكم بينتك الغائبة جملة فلا يقضى لك بها أبدا وسقط‍ حكم كل بينة تأتى بها بعد هذا عليه ليس لك الا هذا فقط‍ فأى الامرين اختار قضى له به ولم يلتفت له الى بينه فى تلك الدعوى بعدها الا أن يكون تواتر يوجب صحة العلم ويقينه أنه حلف كاذبا فيقضى عليه بالحق أو يقر بعد أن يكون حلف فيلزمه ما أقربه ..

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار (٥) اليمين شرعت لقطع الخصومة فى الحال اجماعا ولا تقطع الحق فتقبل البينة بعدها اذ الينة العادلة


(١) نهاية المحتاج ج‍ ٨ ص ٣٣٥.
(٢) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الارادات ج‍ ٤ ص ٢٨٥ الطبعة السابقة.
(٣) هداية الراغب لشرح عمدة الطالب ص ٥٥٦ الطبعة السابقة.
(٤) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج‍ ٩ ص ٣٧١ مسألة رقم ١٧٨ الطبعة السابقة.
(٥) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الامصار ج‍ ٤ ص ٤٠٤ الطبعة السابقة.