للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا لا يتقيد الاذن بزمان ولا بنوع من أنواع التصرف الذى يعد من التجارة لسقوط‍ حق الآذن الذى انبنى عليه الحجر به بخلاف التوكيل فانه يتقيد بالزمان والمكان والنوع والعبد أهل للتصرف حال الرق، اذ ركن التصرف كلام معتبر شرعا لصدوره عن تمييز ومحل التصرف ذمة صالحة لالتزام الحقوق، وهما لا يفوتان بالرق، لأنهما من كرامات البشر، وهو بالرق لا يخرج عن أن يكون بشرا، الا أنه حجر عليه من التصرف لحق المولى وهو ملكه لرقبته حتى لا يبطل حقه بتعلق الدين برقبته لضعف ذمته بالرق ولذا لا يجب المال فى ذمته الا وهو شاغل لرقبته فاذا أذن للولى فقد أسقط‍ حقه فكان العبد متصرفا بأهليته الأصلية لنفسه ولهذا لا يرجع على المولى بما لحقه من العهدة ولا يتوقت بزمان ولا بمكان ولا بنوع من التجارة وانما يخلفه المولى فى الملك فقط‍ لتعذر ثبوته له وهو فيما عدا ذلك كالحر (١) وكذلك الصبى والمعتوه اذا كانا يعقلان البيع والشراء فاذا أذن لهما وليهما فيما يعد من التجارة فانهما لا يتقيدان بنوع من التجارة دون نوع بخلاف ما اذا أذنه بما لا يعد تجارة كاذنه بأن يتزوج أو اذنه بشراء شئ بعينه كالطعام والكسوة أو أمره ببيع ثوب بعينه فانه لا يكون مأذونا بذلك لأن هذا يعد من قبيل الاستخدام أو التوكيل (٢)، أما زفر من الحنفية فانه ذهب الى أن الاذن توكيل وانابة لأنه يتصرف للمولى باذنه والمانع من التصرف هو الرق وهو باق بعد الاذن وعلى ذلك يصح تقييد الآذن عنده حتى لا يجوز له أن يجاوز ذلك التقييد كما هو الحكم فى الوكيل لأنه يتصرف للموكل فلا يملك الا ما أطلق له (٣) وكذلك الحكم عند الاذن للصبى والمعتوه اذا كانا مميزين يعقلان البيع والشراء فى كل ما ذكر من الصور والأحكام (٤).

[مذهب المالكية]

يذهب المالكية الى أن للمأذون أحوالا يكون فى واحدة منها وكيلا وفى الباقى كالوكيل فقد جاء فى الشرح الصغير وحاشية الصاوى عليه: والمأذون من أذن له سيده أن يتجر فى مال نفسه والربح له أو لسيده أو فى مال السيد والربح للعبد وأما اذا جعل الربح للسيد فهو وكيل حقيقة، فصور المأذون أربع ثلاثة يكون فيها كالوكيل والرابعة يكون فيها وكيلا حقيقة (٥).

[مذهب الشافعية]

ذهب الشافعية الى أن الاذن للعبد فى التجارة ليس توكيلا فقد جاء فى مغنى المحتاج (٦) لو باع السيد العبد المأذون له أو عتقه انتهى الاذن لأن اذنه له استخدام لا توكيل، ومرد ذلك أن استخدامه قد انتهى بصيرورته ملكا لغير سيده الآذن أو بصيرورته حرا بعتقه، والظاهر من هذا أنهم لم يجعلوا الاذن للرقيق توكيلا لأنه يستخدم فى التصرفات فلا يكون وكيلا عرفا وأما الصبى المميز فلا يصح أن يكون وكيلا


(١) الزيلعى ح‍ ٥ ص ٢٠٣، ص ٢٠٤ الطبعة الاميرية.
(٢) الزيلعى ح‍ ٥ ص ٢١٩ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ح‍ ٥ ص ٢٠٣، ص ٢٠٤.
(٤) الزيلعى ح‍ ٥ ص ٣١٩.
(٥) الشرح الصغير وحاشية الصاوى ح‍ ٢ ص ١٢٦ طبع المطبعة الخيرية.
(٦) ح‍ ٢ ص ١٠٠ طبعة مصطفى الحلبى.