للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان أخذ المستودع درهما ثم رد بدله غير متميز، وضاعت الوديعة، فيضمن الجميع لخلطه الوديعة بمالا يتميز منه، كما لم يدر أيهما ضاع بأن ضاع درهم مثلا، ولم يدر أهو المردود أو غيره من الوديعة فيضمنه، لأن الأصل عدم براءته (١).

وان سلم المستودع الوديعة الى من يظنه صاحبها فتبين خطؤه ضمنها، لأنه فوتها على ربها.

وان ادعى الوديعة اثنان وقال المودع هى لأحدهما، ولا أعرف عينه، فان صدقاه أو سكتا عن تصديقه وتكذيبه، فلا يمين عليه اذ لا اختلاف، ويقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة سلمت اليه بيمينه، وان كذباه بأن قالا: بل تعرف أينا صاحبها حلف لهما يمينا واحدة انه لا يعلم عينه، وكذا ان كذبه أحدهما وحده، ويقرع بينهما، فمن خرجت له القرعة حلف أنها له، لاحتمال عدمه، وأخذها بمقتضى القرعة.

فان نكل المودع عن اليمين أنه لا يعلم صاحبها حكم عليه بالنكول، وألزم تعيين صاحبها، فان أبى التعيين أجبر على القيمة ان كانت متقومة وعلى المثل ان كانت مثلية فتؤخذ القيمة أو المثل والعين فيقترعان عليهما أو يتفقان عليهما.

قال فى التخليص وكذلك اذا قال أعلم المستحق ولا أحلف، ثم ان قامت بينة بالعين لآخذ القيمة سلمت اليه العين للبينة وتقدمها على القرعة، وردت القيمة الى المودع، ولا شئ للقارع على المودع، لأنه لم يفوت عليه شيئا بل المفوت البينة.

[مذهب الظاهرية]

اذا (٢) ادعى المودع شيئا ينقل به الوديعة عن ملك المودع الى ملك غيره، فانه ينظر، فان كانت الوديعة لا تعرف للمودع الا بقول المودع، بأن كانت مختلطة بغيرها، ولم تميز، فالقول قول المودع مع يمينه فى كل ما ذكر له من أمره اياه ببيعها أو الصدقة بها أو بهبتها، أو أنه وهبها له وسائر الوجوه، ولا فرق، لأنه لم يقر له بشئ فى ماله، ولا بشئ فى ذمته، ولا بدين، ولا بتعد، ولا قامت له عليه بينه بحق، ولا بتعد، وماله محرم على غيره.

وأما ان كانت الوديعة معروفة العين للمودع ببينة أو بعلم الحاكم، فان


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع وبهامشه منته الارادات ج ٢ ص ٤٠٤، ص ٤٠٥، ص ٤٠٦ الطبعة السابقة والاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل ج ٣ ص ٣٨٤، ص ٣٨٥ الطبعة السابقة.
(٢) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٢٧٧، ص ٢٧٨ مسألة رقم ١٣٩٢ طبع إدارة الطباعة المنيرية سنة ١٣٥٠ هـ‍.