للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الشافعية]

نجد المعز بن عبد السّلام يقول فى كتابه قواعد الأحكام فى البيع اذا كان العوضان من الديون: أنه مقابلة التزام دين بالتزام دين - ويقل وفى البيع اذا كان المبيع عينا:

أنه التزام الدين فى مقابلة تلك العين (١).

[مذهب الحنابلة]

نجد ابن قدامه يقول فى الضمان: ضم ذمة الضامن على ذمة المضمون فى التزام الحق، وفى ضمان العين: أنه ضمان استنقاذها وردها والتزام تحصيلها أو قيمتها عند تلقيها - وفى ضمان العهدة - أنه التزام الثمن أو عوضه ان ظهر بالبيع عيب أو استحقاق (٢) - ويقول ابن قدامه صاحب الشرح الكبير فى ضمان الدين المجهول: أنه التزام حق فى الذمة من غير معاوضة، فصح المجهول كالنذر والاقرار (٣). هذه الاستعمالات كما تراها دليل على أن كلمة التزام قد استعملها الفقهاء فيما هو أعم مما ذكره الحطاب من أنه التزم بالبر والعطية وأن استعمالهم فيها استعمال لغوى وفى الامكان أن تستمد منه تعريف الالتزام فنعرفه: بأنه وجوب أمر على الانسان، وذلك بايجابه على نفسه اما باختباره وارادته كما فى الالتزام بالعقد سواء كان من جانبين كالاجارة أو من جانب واحد كالوقف، واما بايجاب الشارع وذلك لما له من الولاية العامة كما فى التكاليف الشرعية وذلك نتيجة للخطاب التكليفى وقد يكون الالزام نتيجة للخطاب الوضعى كما فى الالتزام بأمر ترتب على حصول سببه - والزام الانسان نفسه يعد منه التزاما.

أركان الالتزام

صلته بالتكليف - أثره - أنواعه:

لا يتحقق الالتزام الا بوجود ملزم، له ولاية الالزام وملزم أو ملتزم وجه اليه الالزام وملتزم له وملتزم به وهو موضوع الالتزام وعبارة تدل على الالزام أو الالتزام لأن الالتزام أثر للالزام والالزام انما يكون ممن له ولاية الالزام والايجاب اذ أنه ايجاب أمر على من وجه اليه هذا الايجاب وهو الشخص الملزم بما كلف به: ولما يدل عليه الالزام من معنى الايجاب كان ضربا من التكليف لأن التكليف طلب يتعلق بفعل أمر أو تركه أو تخيير بين فعله وتركه وذلك هو مقتضى خطاب التكليف أو معنى الكم التكليفى - غير أن معنى الالزام فى التكليف بما هو فعل أو ترك على وجه الحتم ظاهر لما فى ذلك من معنى الايجاب الذى يدل عليه لفظ‍ الالزام لغة وأما فيما يتعلق بالتخيير بين الفعل والترك فلا يظهر به معنى الالزام فان التخيير لا الزام فيه ولا ايجاب كما أنه لا يظهر معنى الالزام فيما يتعلق بالطلب أو الترك لا على وجه الحتم بل على وجه الاستحسان والندب لعدم الايجاب فى ذلك.

ومقتضاه أن الالزام لا يتحقق الا حيث يكون


(١) الحموى ج‍ ٥ ص ٦٨٨
(٢) قواعد الأحكام ج‍ ٢ ص ٣٨ طبعة ١٩٣٤
(٣) المغنى لابن قدامه المقدسى ج‍ ٥ ص ٧٥ طبع مطبعة المنار بمصر ١٣٤٧ هـ‍ الطبعة الأولى.
والشرح الكبير للمقدسى ج‍ ٥ ص ٨٠ الطبعة السابقة.