للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن تحج بغيرهما اذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام، بدليل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تحجن امرأة الا ومعها محرم».

ولأنها بدون المحرم يخاف عليها الفتنة وتزداد بانضمام غيرها اليها.

وهذا بخلاف ما اذا كان بينها وبين مكة أقل من ثلاثة أيام لأنه يباح لها الخروج الى ما دون السفر بغير محرم، وذلك اذا كان لحاجة. وقد روى عن أبى حنيفة وأبى يوسف كراهة الخروج لها مسيرة يوم بلا محرم (١).

ولتصريحهم بأن حكم السفر كحكم الخلوة فلا يحل لها أن تسافر مع أجنبى لأدنى مسافة ولو للحج (٢).

[مذهب المالكية]

المالكية قالوا: يشترط‍ فى وجوب الحج على المرأة وجود زوج أو محرم فان لم يكن لها محرم ولا زوج فيجب عليها الخروج للحج فى الفرض فى رفقة مأمونة والأصل فى هذا ما ورد فى الحديث الصحيح وروى مالك فى جامع الموطأ عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة الا مع ذى محرم منها»، رواه البخارى ومسلم بروايات مختلفة.

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

«تؤمن بالله واليوم الآخر» على جهة التغليظ‍، يريد أن مخالفة هذا ليس من أفعال من يؤمن بالله ويخاف عقابه فى الآخرة. قال الباجى: والعلة فى منعها من السفر مع غير ذى محرم كونها عورة يجب عليها التستر ويحرم عليها التبرج حيث الرجال مخافة الفضيحة.

وقال ابن فرحون: المرأة تدخل فيها الشابة والمتجالة وهو قول الجمهور، وقال ابن رشد: ان كانت متجالة أو ممن لا يؤبه به لم تمنع من الخروج، يريد بخلاف الشابة.

وقال الباجى بالنسبة لتحريم سفر المرأة مع أجنبى: هذا عندى فى الشابة أما الكبيرة غير المشتهاة فتسافر حيث شاءت فى كل الأسفار بلا زوج ولا محرم.

قال الحطاب: هذا الذى قاله الباجى لا يوافق عليه لأن المرأة مظنة الطمع فيها ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة، وقد قالوا: لكل ساقطة لاقطة، ويجتمع فى الأسفار من سفل الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز لغلبة شهوته وقلة دينه ويستثنى مما تقدم ما اذا وجد الرجل المرأة فى مفازة ومقطعة وخشى عليها الهلاك فإنه يجب عليه أن يصحبها معه وأن يرافقها وإن أدى إلى الخلوة بها، لكن يحترس جهده.

قال القاضى عياض فى الاكمال: فيه حسن الأدب فى المعاملة والمعاشرة مع


(١) الهداية، شرح بداية المبتدى للمرغينانى ج‍ ١ ص ٩٧ مطبعة مصطفى البابى الحلبى وأولاده بمصر سنة ١٣٥٥ هـ‍
(٢) تبين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعى ج‍ ٢ ص ٥، الطبعة الأولى بالمطبعة الكبرى الاميريه ببولاق مصر المحمية سنة ١٣١٣ هـ‍.