للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رابعا - حكم الاغاثة من قاطع الطريق]

جاء فى (١) المغنى أنه اذا صال على انسان صائل يريد ماله أو نفسه ظلما أو يريد امرأة ليزن بها فللغير المصول عليه معونته فى الدفع.

ولو عرض اللصوص لقافلة جاز لغير أهل القافلة الدفع عنهم لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما».

وفى حديث «ان المؤمنين يتعاونون على الفتان».

ولأنه لولا التعاون لذهبت أموال الناس وأنفسهم لأن قطاع الطريق اذا انفردوا بأخذ مال انسان لم يعنه غيره فأنهم يأخذون أموال الكل واحدا واحدا وكذلك غيرهم.

وفى الكشاف (٢) ولا يجب الدفع عن مال الغير قال فى المذهب اما دفع الانسان عن مال غيره فيجوز ما لم يفض الى الجناية على نفس الطالب أو شئ من أعضائه.

وجزم فى المنتهى باللزوم مع ظن سلامتهما لكن له معونة غيره فى الدفع عن ماله ونسائه فى قافلة وغيره مع ظن السلامة لحديث «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما» ولئلا تذهب الأنفس والأموال.

ولو ظلم ظالم لم يجب على أحد أعانته على دفع الظلم عنه حتى يرجع عن ظلمه نصا قال أخشى أن يجترئ فيدعه حتى ينكسر.

وكره الامام أحمد أن يخرج الى صيحة بالليل لأنه لا يدرى ما يكون نقله صالح.

قال فى الفروع وظاهره كلام الأصحاب خلافة.

واذا وجد رجلا يزنى بامرأة فقتلهما فلا قصاص عليه ولا دية رواه سعيد عن عمر.

[خامسا - حكم الاغاثة فى حالة البغى]

اذا قاتل الامام أهل البغى فانه يجب على رعيته (٣) معونته على حربهم لقوله تعالى {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)}.

ولقوله عليه الصلاة والسلام «من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه» رواه أحمد وأبو داود من حديث أبى ذرة.

وان أقتتلت طائفتان من البغاة لأنهما جميعا على الخطا فقدر الامام على قهرهما أى الطائفتين لم يمل لواحدة من البغاة.

وان عجز عن قتالهما معا وخاف الامام اجتماعهما على حربه ضم اليه أقربهما الى الحق دفعا لأعظم المفسدتين بأخفهما.

وان استويا اجتهد الامام برأيه فى ضم أحدهما اليه.

ولا يقصد بذلك معونة أحداهما على الأخرى بل يقصد بذلك الاستعانة على الطائفة الأخرى ليردها الى الحق.

ثم قال: وان أعان البغاة أهل ذمة أو عهد انتقض عهدهم باعانتهم لهم طوعا مع علمهم بأن ذلك لا يجوز كما لو انفردوا بقتالهم وصاروا أهل حرب تحل دماؤهم وأموالهم مع علمهم بأن ذلك لا يجوز كما لو انفردوا بقتالهم الا أن يدعوا شبهة كان يظنوا أنه يجب عليهم معونة من استعان بهم من المسلمين ونحو ذلك فلا ينتقض عهدهم، لأن ما ادعوه محتمل فيكون شبهة.

وان أكرههم البغاة على معونتهم لم ينتقض عهدهم.

وان أدعوا ذلك الاكراه قبل منهم لأنه محتمل.


(١) المرجع السابق ج‍ ١٠ ص ٣٥٣.
(٢) كشاف الفتاح ج‍ ٤ ص ٩٣.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٩٧ - ٩٩ وما بعدها.