للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقايل المبيعان فى المبيع بعد مدة وقد حدثت فيه فوائد كانت تلك الفوائد للمشترى سواء كانت بيعا أو فسخا وسواء أكانت بلفظها أم بلفظ‍ الفسخ وسواء حدثت الفوائد قبل قبض المشترى أم بعده لأن الإقالة رفع للعقد من حينه وسواء كانت الفوائد فرعية أم أصلية متصلة أو منفصلة وقت الاقالة ويلزم بقاؤها للصلاح بلا أجرة إذا كانت زرعا أو ثمرا.

[مذهب الإمامية]

جاء فى الخلاف (١): أن الإقالة فسخ فى حق المتعاقدين سواء كان قبل القبض أو بعده وفى حق غيرهما دليلنا ما روى أبو صالح عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنهما عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال «من أقال نادما فى بيع أقاله الله نفسه يوم القيامة وأقاله نفسه هى العفو والترك فوجب أن تكون الإقالة فى البيع هى الترك والعفو وأيضا فلو كانت الإقالة بيعا لوجب أن يكون إلى المتبايعين نقصان الثمن وزيادته والتأهيل والتعجيل فلما أجمعنا على أن الإقالة لا يصح فيها شئ من ذلك دل على أنها ليست ببيع وأيضا لو كانت الإقالة بيعا لم تصح الإقالة فى السلم لأن البيع فى السلم لا يجوز قبل القبض فلما صحت الإقالة فيه إجماعا دل على أنها ليست ببيع وأيضا فقد أجمعنا على أن رجلا لو اشترى عبدين فمات أحدهما ثم تقايلا صحت الإقالة فلو كانت بيعا وجب أن لا يصح لأن البيع بيع الميت مع الحى لا يصح، وإذا قاله بأكثر من الثمن أو بأقل أو بجنس غيره كانت الإقالة فاسدة والمبيع على ملك المشترى كما كان، دليلنا أن كل من قال بأن الإقالة فسخ على كل حال قال بهذه المسألة فالفرق بين الأمرين خارج عن الإجماع، وتصح الإقالة فى بعض السلم كما تصح فى جميعه دليلنا ما رويناه عن النبى صلى الله عليه وسلم «من أقال نادما فى بيعه أقاله الله نفسه يوم القيامة وهذا إقاله وروى ابن عباس رضى الله تعالى عنه أنه قال لا بأس بذلك وهو من المعروف ولا مخالف له».

[مذهب الإباضية]

اختلف الإباضية (٢) هل الإقالة فسخ أم بيع ولذلك اختلفوا فى تعريفها كما سبق فعلى القول بأنها فسخ لا تجوز بأقل من الثمن الأول ولا بأكثر منه ولا بخلاف جنسه وعلى القول بأنها بيع فإنها تجوز بمخالف لثمنه جنسا أو مقدارا ثم قال صاحب شرح النيل والذى اختاره بعد استفراغ الوسع أن الإقالة بيع سواء كانت الإقالة لغير البائع أو له لما روى النبى صلّى الله عليه وسلّم أنه دخل السوق فقال يا أهل البقيع لا يفترق البائعان إلا عن تراض، البيع بيع والحوالة والتولية بيع والإقالة بيع، والإقالة تصح للبائع فقط‍ بجنس الثمن الأول أو بما يساويه من غيره بالقيمة لأن مفهوم الإقالة أن البائع أصابته حسرة وضيق على ما باع فوسع عليه بتركه له وقولى هذا جامع للقولين ولولا الحديث لقلت أن الإقالة فسخ بيع ثم قال فى شرح النيل (٣): قيل أن الإقالة فى الإجارة بيع وعلى القول بأن الإقالة فسخ بيع فإنها تجوز بين البائعين ولو قبل قبض السلم والمنقد إليه وأما ما أخذ فى الدين فمن قال القضاء ليس بيعا فلا يجيز الإقالة لغيرهما وأما بينهما فيجيز الإقالة فيه ولا إشكال فى جواز الإقالة فيه بينهما ومن قال إنه بيع فإنه يجيز الإقالة للبائعين ولغيرهما إلا من قال لا تكون الإقالة لغيرهما وجاء فى موضع اخر من شرح النيل (٤): الذى عندى أن الاقالة لغير البائع والمشترى ليست فسخا وأما بين البائع والمشترى فهى فسخ ما اذا قلنا ان الإقالة بيع فإنه يشترط‍ فيها ما يشترط‍ فى البيع وتنفسخ بما ينفسخ به البيع وترد بما يرد به البيع وتكون أحكامها أحكام البيع وليس كذلك إذا قلنا إنها فسخ بيع.


(١) انظر كتاب الخلاف فى الفقه ج ١ ص ٥٩٤، ص ٥٩٥ وما بعدهما مسألة رقم ١٣ ومسألة رقم ١٤ ومسألة رقم ١٥، ومسألة رقم ١٦ الطبعة السابقة.
(٢) انظر كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج ٤ ص ٥٢٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ٤ ص ٥٣١ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج ٤ ص ٥٣٣ وما بعدها الطبعة السابقة.