للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تركه بيده بعض من طلب تفليسه من دائنيه. أو كان عن معاملة جديدة كشراء وبيع، أو كان عن غير أصل كميراث وهبة ووصية ودية وغير ذلك، لان الحجر الاول كان فى مال مخصوص أخذ من تحت يده، فانفك حجره، فيتصرف فى ماله المتجدد له الى أن يحجر عليه فيه. وسواء تجدد المال للمفلس بعد قسمة الدائنين للمال الذى أخذوه منه فيما بينهم أم قبلها. ولو تداين المفلس بعد ذلك وحكم القاضى بافلاسه وحجر عليه ثانيا بهذه الديون الجديدة فلا يدخل من حجر لهم أولا مع من حجر لهم ثانيا فى مال تجدد للمفلس من اثمان ما أخذه من الدائنين الاخرين الذين حجر لهم ثانيا.

الا أن يفضل بيد المفلس عن دين الاخرين فضلة فانها تقسم على الدائنين الاولين بحصة ما بقى من دين كل منهم، وذلك كما لو كانت السلع عند المفلس وقت التفليس قيمتها أقل من الدين لكسادها ثم بعد التفليس حصل فيها رواج وسارت أكثر من الدين. وكذلك ان كان المال المتجدد للمفلس من غير أموال الاخرين كميراث وهبة ووظيفة ووصية وخلع وأرش جناية عليه أو على وليه فانه يدخل فيه الاولون والاخرون ويقسم عليهم كل بحصة دينه.

وكذلك ان مكن المديون الدائنين مما بيده فباعوه من غير رفع للقاضى - وهو الافلاس العام - واقتسموا الثمن على قدر دين كل واحد منهم وبقيت لهم بقية ثم داين غيرهم ففلس ثانيا فليس للاولين دخول فى اثمان ما أخذه من الاخرين وفيما تجدد من ذلك الا أن يفضل عن دين الاخرين فضلة والا ان يتجدد له مال من غير مال الاخرين كارث وصلة فللاولين الدخول مع الآخرين (١).

[مذهب الشافعية]

اذا أفلس المديون وحجر عليه القاضى فالاصح هو تعدى هذا الحجر الى كل مال يحدث للمفلس وهو محجور عليه، فلو وهب له مال وهو محجور عليه أو اصطاده أو اشتراه بثمن فى ذمته أو حصل له بطريق الوصية أو الميراث ونحوه من سائر الاكساب فأنه يدخل فى الحجر ويقسم بين الدائنين لان المقصود الحجر بسبب الافلاس هو وصول الديون الى اصحابها وذلك لا يختص بمال المفلس الموجود فقط‍ بل يشمل المال الحادث بعد الحجر ايضا.

ويتعدى الحجر الى ذلك بنفسه بدون توقف على حكم القاضى يتعدى الحجر اليه.

وقال صاحب أسنى الطالب: ومحل تعدى الحجر الى المال الحادث للمفلس اذا كان ملك المفلس فيه مستقرا والا فليس للدائنين تعلق به. قال ايضا: وظاهر كلامهم تعدى الحجر الى المال الحادث حتى ولو زاد مال المفلس به على الديون، اذ يغتفر فى الدوام ما لا يغتفر فى الابتداء ومقابل الاصح: ألا يتعدى الحجر بسبب الافلاس الى ما ذكر، كما أن حجر الراهن على نفسه فى العين المرهونة لا يتعدى الى غيرها من أعيان أمواله (٢).

وسيأتى ذكر حكم رجوع من باع للمفلس متاعا فى ذمته فى «الدين لحادث على المفلس».

[مذهب الحنابلة]

حكم المال الحادث للمفلس بارث أو وصية أو هبة أو صدقة ونحوها بعد افلاسه والحجر عليه كحكم ماله الموجود حال الحجر بلا فرق، فلا يصح تصرف المفلس فيه، ويباع فى ديون الدائنين الذين حجر لاجلهم لتعلق ديون الدائنين به كالرهن (٣). وكذلك حكم المال الحادث له بعد افلاسه والحجر عليه بتصرف فى ذمته كالاقتراض والشراء وقد سبق تفصيله فى منع المفلس من التصرف.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى بعد ان ذكر أنه لا حجر


(١) شرح الخرشى بحاشية العدوى ج ٥ ص ٣٠٩ - ٣١٠ الطبعة السابقة، الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج ٣ ص ٢٦٨ - ٢٦٩ الطبعة السابقة، الشرح الصغير بحاشية الصاوى ج ٢ ص ١٤٤ الطبعة السابقة.
(٢) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣١٥ الطبعة السابقة، اسنى المطالب بحاشية الرملى ج ٢ ص ١٨٥ الطبعة السابقة، تحفة المحتاج ج ٢ ص ١٢٧ - ١٢٨ الطبعة السابقة، شرح المنهج بحاشية البجرمى ج ٢ ص ٣٦٩ الطبعة السابقة.
(٣) كشاف القناع شرح المنتهى بهامشه ج ٢ ص ١٣٦، ١٤١، ٢٠٩ الطبعة السابقة.