للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقول الحنابلة: وإن اغتسل للجمعة والجنابة غسلا واحدا ونواهما أجزأه بغير خلاف علمناه لأنهما غسلان اجتمعا فأشبها غسل الحيض والجنابة، وإن اغتسل للجنابة ولم ينو غسل الجمعة ففيه وجهان:

أحدهما لا يجزئه لقول النبى صلى الله عليه وسلم: «وإنما لكل امرئ ما نوى».

وروى عن ابن لأبى قتادة أنه دخل عليه يوم الجمعة مغتسلا فقال: للجمعة؟ قال: لا، ولكن للجنابة قال فأعد غسل الجمعة، والثانى يجزئه لأنه مغتسل فدخل فى عموم الحديث، يريد قوله صلى الله عليه وسلم:

من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل» ونحوه، ولأن المقصود التنظيف وقد حصل (١) إلى غير ذلك.

[الأجزاء لا يستلزم الكمال]

قال فى حاشية كشف الأسرار للبزدوى:

إن المأمور إذا أتى بالمأمور به على وجه الكراهية أو الحرمة يخرج من العهدة على القول الأصح كالحاج إذا طاف محدثا (٢).

[مذهب المالكية]

ومن ذلك قول المالكية: وسن ركعتان بعد الغسل وقبل الإحرام وأجزأ عنهما الفرض وحصل به السنة وفاته الأفضل (٣).

ويشترط‍ المالكية فى حصى الرمى أن تكون الحصاة قدر الفولة أو النواة، ثم يقولون ولا يجزئ صغير جدا كالحمصة وكره كبير وأجزأ (٤).

ويقول الحنفية فى باب الصلاة فى الكعبة: يصح فرض ونفل فيها وفوقها وإن كره الثانى أى الصلاة فوقها (٥).

وقد أورد السيوطى الشافعى فى الأشباه والنظائر فروعا مما تجزئ فيه نية العبادة وتشريك غيرها معها مثل أن ينوى الضوء أو الغسل، وينوى مع ذلك التبرد بالماء ومثل أن ينوى الصوم لله تعالى وللحمية أو التداوى أو أن ينوى الطواف وملازمة غريمه الذى عليه دين له لكيلا يفلت منه، أو ينوى الصلاة لله تعالى مع دفع غريمه المطالب له.

ثم قال السيوطى بعد أن بين آراء الشافعية فى صحة النية فى هذه الفروع وما صححوه من الصحة فى هذه الصور إنما هو بالنسبة إلى الإجزاء. وأما الثواب فصرح ابن الصباغ بعدم حصوله فى مسألة التبرد نقله ابن الخادم ولا شك أن مسألة الصلاة والطواف أولى بذلك (٦)، وعلى هذا كل ما جاء فى الفقه من الإجزاء مع الكراهة التنزيهية أو التحريمية أو مع حرمة الإقدام كصيام من يضر به الصوم ضررا بليغا على ما بينا من قبل أو كون الفعل خلاف الأولى أو الأفضل أو نحو ذلك.


(١) المغنى والشرح الكبير للحنابلة ج‍ ٢ ص ٢٠١.
(٢) حاشية عبد العزيز البخارى على كشف الأسرار للبزدوى المطبوع فى مكتبة الصنايع ج‍ ٢ ص ١٣٦ سنة ١٣١٧ هـ‍.
(٣) الشرح الصغير ج‍ ١ ص ٢٤٦.
(٤) المصدر السابق ص ٢٦١.
(٥) تنوير الأبصار وشرحه وحاشية ابن عابدين ج‍ ٢ ص ٨٥٤.
(٦) الأشباه والنظائر للسيوطى ص ٢١.