عشر بعد المائة ويجوز اقطاع الامام لمن يرى بغير سبب يوجب استحقاقه وتمليكه لأنه اعانة على أحوال تقع فى المستقبل من الزمن وليس تمليكا حقيقيا ولذا كان للامام نزعه منه فى أى وقت شاء، أو تبديله بغيره، ومؤدى هذا ان هذا اقطاع امتاع وانتفاع، ولذا جاز للامام انهاؤه فى أى وقت شاء ولو كان تمليكا لرقبة الأرض المقطعة، ما جاز أخذها ممن اقطعت له. وهذا بخلاف اقطاع التمليك السابق بيانه. وجاء فى الفرق السابق على هذا الفرق: والاقطاعات أعطيات تجعل للأمراء والاجناد من الأراضى الخراجية وغيرها من الرباع والعقار، وهى ارزاق من بيت المال، وليست فى نظير عمل استؤجروا عليه ولذا لا يشترط فيها مقدار من العمل ولا يحد لها أجل تنتهى اليه. وليس الا عطاء فيه مقدرا فى كل شهر بكذا، بل هو اعانة مطلقة، وان كان لا يجوز للمقطع له تناوله الا بما شرطه الامام من الشروط فى اعطائه من التهيؤ للحرب، ولقاء الأعداء، والمناضلة عن الدين، ونصرة كلمة الاسلام والاستعداد بالخيل والسلاح والاعوان على ذلك، ولو لم يفعل ما شرطه عليه الامام لم يجز له التناول.
لأنه مال بيت المال لا يستحق الا باطلاق الامام على الوجه الذى أطلقه - ولو أطلق له الامام من بيت المال فرق ما يستحقه على ما شرط عليه اما غلطا أو جورا، فأنه لا يستحق الزائد بل يبقى فى يده أمانة شرعية يجب ردها لبيت المال، وللامام بعد ذلك أن ينزعه منه ولمن ظفر به، ومن له فى بيت المال حق، أن يتناوله باذن الامام. واذا أقطع الامام أرضا فآجرها المقطع له ثم مات فى أثناء مدة العقد، فللامام أن يقر ورثته على تلك الأجرة ويمضى لهم تلك الاجارة الى أجلها، وله أن يدفع الأرض لآخر على أن تكون الأجرة للمقطع له الثانى وكل ذلك يجب المصلحة للمسلمين ولا تستقر الأجرة للأول الا بمضى العقد، وانقضاء مدة الاجارة، وهو باق على الاقطاع: والمقطع له انما يستحق المدة التى يستمر فيها اقطاعه تلك الأرض، فاذا مات أو حول عنها لغيرها، آل الاستحقاق لغيره، ومعنى هذا أن الاقطاع غير لازم، وأنه يكون مؤقت فأنه فى هذه الحال اقطاع امتاع وانتفاع لا اقطاع تمليك وهذا البيان يدل على أن الاقطاع يكون فى أرض بيت المال اقطاع انتفاع فيما يرى المالكية ولا يكون اقطاع تمليك وذلك واضح لأن أراضى بيت المال تعتبر وقفا من حين الاستيلاء عليها فلا تملك.
[مذهب الشافعية]
جاء فى نهاية المحتاج ان للامام اقطاع أرض بيت المال اقطاع امتاع وانتفاع اذا رأى المصلحة فى ذلك فيجعل ذلك للمقطع له مدة معينة أو مدة حياته تعود الأرض المقطعة بعدها الى بيت المال وانما يستحق المقطع له منفعتها مدة الاقطاع خاصة - وهذا النوع من الاقطاع غير لازم فللامام أن يرجع فيه اذا ما اقتضت المصلحة ذلك. وليس من هذا النوع اقطاع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العقيق لبلال وانما كان اقطاعا للاحياء ولذا استرده منه عمر رضى الله عنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وأبى بكر فاسترد ما عجز بلال عن