للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الهادى عليه السلام وهذا التفسير للثلاثة هو الأصح ومنهم من قال بالنية اذا انضم اليها لفظ‍ الالتزام ومنهم من قال بالنية والقول والعمل قياسا على الاستيطان.

وفى العروة الوثقى (١): اذا تغير رأى المجتهد فانه يجب عليه وعلى مقلديه العمل بالفتوى الثانية فيما يأتى دون ما مضى فانه صحيح فى الأعمال السابقة بل اذا كان ما مضى عقدا أو ايقاعا أو نحوهما مما من شأنه الدوام والاستمرار يبقى على صحته فيما يأتى أيضا بالنسبة الى تلك الواقعة الخاصة فاذا تزوج بكرا بأذنها بناء على كون أمرها بيدها ثم تبدل رأى المقلد أو رأى مجتهده الى كون أمرها بيد أبيها تكون باقية على زوجيته وان كان لا يجوز له نكاح مثلها بعد ذلك.

وفى طلعة الشمس (٢): اذا اجتهد العالم فى حادثة وجب عليه أن يلتزم ما رأى أنه الصواب فى حقه فاذا أراد الحكم فيها لزمه أن يحكم بما أداه اليه اجتهاده.

ثم قال: اذا اجتهد المجتهد فى حادثة فرأى جوازها فعمل بها ثم تغير اجتهاده فرأى أنها حرام فانه يحجر عليه الاقامة على ذلك الفعل مثال ذلك اذا رأى جواز تزويج الصبية أو جواز التزويج بغير ولى ففعل أو رأى أن الطلاق ثلاثا بلفظ‍ واحد لا يقع الا واحدة ونحو ذلك فعمل بما رأى ثم رأى بعد ذلك أن ذلك العمل فعل حرام ألزمه أن يترك زوجته وهذا مبنى على القول بأن الاجتهاد ينقض الاجتهاد وهو الصحيح ثم قال (٣): اذا رجع المجتهد عن اجتهاد كان قد قلده فيه مقلد هل يلزمه اعلام مقلده بالرجوع أم لا فقيل أنه يلزمه ذلك ليرجع المقلد له الى قوله الآخر حيث هو مستلزم لمذهبه فى رخصه وعزائمه ومقلد له فى تلك المسألة فقط‍ وقيل لا يلزمه اعلام مقلده بالرجوع لأنه عامل فى ذلك بقول من أقوال المسلمين وله أن لا يرجع عنه.

وأما بالنسبة للعامى فقد قال (٤): أعلم أنه يجوز لمن لا قدرة له على الاجتهاد أن يقلد العالم المجتهد بشرط‍ أن يكون معروفا بالعلم والعدالة بل يجب عليه تقليده اذا شاء العمل فى القضايا الذى لا يعرف الحكم فيها لقول الله سبحانه وتعالى «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ٥» فلو لم يكن تقليد العامى للعالم جائزا ما أمر العوام بسؤال العلماء وظاهر الأمر للوجوب فهو واجب عند الحاجة اليه وقيل لا يجوز التقليد فى العمليات بل يجب عليه أن يسأل العالم لينبهه على طريق الحكم لأن العامى يمكنه العلم فلزم تكليفه به كالعالم وكما فى مسائل الأصول.

[الفتوى بخلاف مذهب المفتى والمستفتى]

وفى البحر الرائق (٦): ليس لمجتهد تقليد مجتهد.

ولو حدثت واقعة قد اجتهد فيها وجب اعادته ان نسى الدليل أو تجدد مشكل والمنتسبون الى مذهب امام أما عوام فتقليدهم مفرع على تقليد الميت وأما مجتهدون فلا يقلدون.

فان وافق اجتهاده اجتهادهم فلا بأس وان خالفه احيانا.

ومن لم يبلغ رتبة الاجتهاد بل وقف على أصول امامه وتمكن من قياس ما لم ينص عليه على المنصوص فليس بمقلد فى نفسه بل هو واسطة.


(١) انظر العروة الوثقى للعلامة الفقيه السيد كاظم الطباطبائى ج‍ ٣ ص ٢٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) انظر طلعة الشمس ج‍ ٢ ص ٢٨٨ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٢٩٠ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٢٩٣ الطبعة السابقة.
(٥) الآية رقم ٤٣ من سورة النحل.
(٦) انظر البحر الرائق شرح كنز الدقائق للشيخ زين الدين الشهير بابن نجم ج‍ ٦ ص ٢٩٠ وما بعدها طبع مطابع المطبعة العلمية بمصر سنة ١٣١٦ هـ‍ الطبعة الأولى.