للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان نص صاحب المذهب على الحكم والعلة الحق بها غير المنصوص.

ولا نص على الحكم فقط‍ فله أن يستنبط‍ العلة ويقيس وليقل هذا قياس مذهبه لا قوله وان اختلف نص امامه فى مشتبهين فله التخريج من أحدهما الى الأخرى.

ثم قال (١) وصحح فى السراجية أن المفتى يفتى بقول أبى حنيفة على الاطلاق ثم بقول أبى يوسف ثم بقول محمد ثم بقول زفر والحسن بن زياد.

ولا يخير اذا لم يكن مجتهدا.

ثم قال صحح (٢) فى الحاوى القدسى أن الامام اذا كان فى جانب وهما فى جانب فالأصح أن الاعتبار لقوة المدرك.

فان قلت كيف جاز للمشايخ الافتاء بغير قول الامام الأعظم مع أنهم مقلدون قلت قد أشكل على ذلك مدة طويلة ولم أر فيه جوابا الا ما فهمته الآن من كلامهم وهو أنهم نقلوا عن أصحابنا أنه لا يحل لأحد أن يفتى بقولنا حتى يعلم من أين قلنا حتى نقل فى السراجية أن هذا سبب مخالفة عصام للامام وكان يفتى بخلاف قوله كثيرا لأنه يعلم الدليل وكان يظهر له دليل غيره فيفتى به فأقول أن هذا الشرط‍ كان فى زمانهم أما فى زماننا فيكتفى بالحفظ‍ كما فى القنية وغيرها فيحل الافتاء بقول الامام بل يجب وان لم نعلم من أين قال وعلى هذا فما صححه فى الحاوى مبنى على ذلك الشرط‍.

وقد صححوا أن الافتاء بقول الامام فينتج من هذا أنه يجب علينا الافتاء بقول الامام وان أفتى المشايخ بخلافه لأنهم انما أفتوا بخلافه لفقد شرطه فى حقهم وهو الوقوف على دليله وأما نحن قلنا الافتاء وان لم نقف على دليله وقد وقع للمحقق ابن الهمام فى مواضع الرد على المشايخ فى الافتاء بقولهما بأنه لا يعدل عن قوله الا لضعف دليله وهو قوى فى وقت العشاء لكونه الأحوط‍ وفى تكبير التشريق فى آخر وقته الى آخر ما ذكره فى فتح القدير لكن هو أهل للنظر فى الدليل.

ومن ليس بأهل للنظر فيه فعليه الافتاء بقول الامام والمراد بالأهلية هنا أن يكون عارفا مميزا بين الأقاويل له قدرة على ترجيح بعضها على بعض.

ولا يصير الرجل أهلا للفتوى ما لم يصر صوابه أكثر من أخطائه.

لأن الصواب متى كثر فقد غلب ولا عبرة بالمغلوب بمقابلة الغالب.

فان أمور الشرع مبنية على الأعم الأغلب كذا فى الولوالجية من كتاب القضاء.

ثم جاء فى موضع آخر (٣): قالوا المنتقل من مذهب الى مذهب باجتهاد وبرهان آثم يستوجب التعزير فبلا اجتهاد وبرهان أولى ولا بد أن يراد بهذا الاجتهاد.

معنى التحرى وتحكيم القلب لأن العامى ليس له اجتهاد.

ثم حقيقة الانتقال انما تتحقق فى حكم مسألة خاصة قلد فيه وعمل به.

وفى الحطاب (٤) أنه لا يلزم الانسان أن يتقيد بمذهب معين ولا مذهبه أيضا اذا أراد أن يفتى.

فقد جاء فى الحطاب ما نصه اذ ليس أحد بالخيار فى أن يفتى على مذهب مالك ولا مذهب غيره من العلماء بل يلزمه ذلك اذا قام عنده الدليل على صحته.


(١) المرجع السابق لابن مجيم ج‍ ٦ ص ٢٩٢ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) انظر البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج‍ ٦ ص ٢٩٣ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٦ ص ٢٩٨، ص ٢٩٩ وما بعدهما الطبعة السابقة.
(٤) انظر مواهب الجليل شرح مختصر أبى الضياء خليل للحطاب وبهامشه التاج والاكليل للمواق فى كتاب ج‍ ٦ ص ٩٥ وما بعدها الطبعة السابقة.