للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يريد بأنه لا يقتل، بل يستتاب فقط‍، وكأن مراده أنه يستتاب الى أن يقتل لهذه الأخبار وهذه الآثار دالة على تخصيص المرتد بالتأنى فى شأنه والانتظار وليس شئ من ذلك فى سائر الحدود فان سائر الحدود تقام بنفس مباشرة سببها فصح أن تستثنى من جملتها حد المرتد فلا يقتل اذا ارتد وهو سكران حتى يستمر على ارتداده بعد الصحو.

واعلم أنهم قالوا أن السكران لا يقام عليه الحد فى حال سكره لكن ينتظر به الصحو فاذا صحا أقيم عليه حد السكران وسائر الحدود الثانية عليه لأن ذلك أزجر له وأردع لأن الصاحى أشد تألما بالحد من السكران لأن الحدود اذا ثبتت لا تؤخر من وقت الى وقت آخر.

وهذا الاحتجاج مبنى على القول بأن الأمر المطلق يقتضى الفور، والصحيح أنه لا يقتضى الفور فيصح تأخيره لمصلحة يراها الامام (١) أو نائبه.

أثر الاغماء فى العقود المالية

ونحوها من التصرفات

[مذهب الحنفية]

جاء فى الفتاوى الهندية أنه اذا أغمى على عاقدى البيع ثم أفاقا وقيل جاز عند أبى يوسف رحمه الله تعالى، وقال محمد رحمه الله تعالى، اذا طال الاغماء يبطل كذا فى التتار خانية (٢) ومن شروط‍ انعقاده الكفالة أن يكون الكفيل عاقلا فلا تنعقد كفالة الصبى ولا المجنون، ولو وقع الاختلاف بين الطالب والكفيل فقال الكفيل كفلت وأنا مجنون أو مغمى على أو مبرسم وأنكر الطالب ذلك وقال: كفلت وأنت صحيح فان كان ذلك معهودا من المقر فالقول قول المقر وان لم يكن ذلك معهودا منه فالقول قول الطالب، كذا فى المحيط‍ (٣) ومن شرط‍ المعتق أن لا يكون معتوقا ولا مدهوشا ولا مبرسما ولا مغمى عليه ولا نائما حتى لا يصح الاعتاق من هؤلاء (٤).

واقرار الصبى المحجور عليه المعتوه والمغمى عليه والنائم باطل بمنزلة سائر تصرفاتهم، كذا فى محيط‍ السرخسى (٥). ولا تجوز القسمة على المبرسم ولا على المغمى عليه ولا على الذى يجن ويفيق الا برضاه أو وكالته فى حالة صحته وافاقته كذا فى الذخيرة (٦).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل أنه يشترط‍ فى انعقاد البيع أن يكون عاقده مميزا، فلا ينعقد بيع غير المميز لصغر أو جنون أو اغماء ولا ينقعد شراؤه (٧)، ويشترط‍ فى عاقد الرهن ما يشترط‍ فى عاقد البيع (٨)، قال القرطبى فى أوائل سورة النساء: استحسن مالك رحمه الله تعالى أن لا يحجز على المغمى عليه لسرعة زوال ما به (٩).


(١) شرح طلعة الشمس على شمس الأصول لابن حميد الساعى ج‍ ٢ ص ٢٦٤ وما بعدها الى ص ٢٦٦ الطبعة السابقة.
(٢) الفتاوى الهندية المسماة بالفتاوى العالمكرية ج‍ ٣ ص ٧، ص ٨ فى كتاب على هامشه فتاوى قاضيخان للامام فخر الدين حسن بن منصور الأوزجندى الأقرغانى الطبعة الثانية طبع المطبعة الكبرى الأميرثة بمصر سنة ١٣١٠ هـ‍.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٢٥٣ نفس الطبعة.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٢، ص ٣ نفس الطبعة.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ١٧٠ نفس الطبعة.
(٦) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٢٢٠ نفس الطبعة.
(٧) مواهب الجليل شرح مختصر أبى الضياء سيدى خليل لأبى عبد الله محمد بن عبد الرحمن المغربى المعروف بالحطاب ج‍ ٢ ص ٢٤٤ فى كتاب على هامشه التاج والأكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٩ هـ‍.
(٨) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٢ نفس الطبعة.
(٩) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٥٨ نفس الطبعة.