للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد أداء الشهادة وهو معنى لا يورث تهمة فى حالة الشهادة، فلم يمنع قبولها كالموت (١).

واذا كان الشهود على الزنى عميانا، أو بعضهم جلدوا فلا تقبل شهادتهم، لأن العميان معلوم كذبهم، لأنهم شهدوا بما لم يروه يقينا والأعمى ليس من أهل الشهادة على الأفعال (٢).

[مذهب الظاهرية]

شهادة الأعمى مقبولة كالصحيح .. ولا يجوز لمبصر ولا أعمى ان يشهد الا بما يوقن ولا يشك فيه ولو لم يقطع الأعمى بصحة اليقين على من يكلمه لما حل له أن يطأ امرأته، اذ لعلها أجنبية، ولا يعطى أحدا دينا عليه اذ لعله غيره، ولا أن يبيع من أحد ولا أن يشترى، وقد قبل الناس كلام أمهات المؤمنين من خلف الحجاب.

وقد أمر الله تعالى بقبول البينة ولم يشترط‍ أعمى من مبصر.

وما كان ربك نسيا (٣).

[مذهب الزيدية]

لا تصح شهادة من أعمى فيما يفتقر فيه الى تجديد الرؤية عند الأداء وتحصيل المذهب ان ما شهد به الأعمى لا يخلو أما أن يكون مما يحتاج الى المعاينة عند أداء الشهادة أولا فالأول لا تقبل شهادته فيه كتوب أو عبد.

قيل ألا أن يكون الثوب أو العبد فى يده باذنهما معا على وجه الأمانة من قبل ذهاب بصره. وأما الثانى فان كان مما يثبت بطريق الاستفاضة كالنكاح والنسب والوقف والولاء والموت، فانها تقبل شهادته فيه بكل حال، سواء أثبته قبل ذهاب البصر أم بعده وان كان مما لا يثبت بطريق الاستفاضة فان كان قد أثبته يعنى تحمل الشهادة - بعد ذهاب بصره، فانها لا تقبل شهادته فيه.

قيل: وهذا مبنى على أن الشهادة على الصوت لا تصح فلو قلنا بصحتها مع العلم قبلت.

والصحيح أن الأعمى اذا عرف الصوت وأفاد العلم قبلت شهادته والا لم تقبل.

وعند البعض تقبل شهادة الأعمى فى العقود ان حصل علم، والاقرار اذا عرف الصوت.

واذا صاح رجل فى أذن الأعمى بالاقرار بشئ للغير، فضمه وتعلق به حتى أوصله الى الحاكم وشهد عليه باقراره، ففى قبول شهادته وجهان: تقبل وهو الأصح لحصول اليقين.

ولا تقبل حسما لهذا الباب لأنه يعسر ضبط‍ درجات التعلق (٤).

وفى شرح الأزهار أيضا: لو كان الشاهدان - فى عقد النكاح - أعميين فان شهادتهما تكفى ولو لم يصح الحكم بها (٥) أى أن النكاح يصح بشهادتهما ولو لم يصح الحكم بشهادتهما لأنهما لا يعرفان الصوت.

[مذهب الإمامية]

الأعمى تقبل شهادته فى العقد قطعا لتحقق الآله الكافية فى فهمه فان انضم الى شهادته معرفان جاز له الشهادة على العاقد مستندا الى تعريفهما كما يشهد المبصر على تعريف غيره ولو لم يحصل ذلك وعرف هو صوت العاقد معرفة يزول معها الاشتباه.

قيل: لا يقبل لأن الأصوات تتماثل والوجه أنها تقبل فان الاحتمال يندفع باليقين لانا نتكلم على تقديره.


(١) المغنى لابن قدامة ج‍ ١٢ ص ٦١، ٦٢، ٦٣ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج‍ ١٠ ص ١٨١، ١٨٢ الطبعة السابقة.
(٣) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج‍ ٩ ص ٤٣٤ الطبعة السابقة.
(٤) شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ١٩٩ الطبعة السابقة.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٢٤١ الطبعة السابقة.