للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إمهال المظاهر والمولى]

[مذهب الحنفية]

جاء في بدائع الصنائع: (١) مضى مدة الإيلاء شرط وقوع الطلاق حتى لا يقع الطلاق قبل مضى المدة لأن الإيلاء في حق أحد الحكمين. وهو البر طلاق معلق بشرط ترك الفئ في مدة الإيلاء لقول الله عز وجل: {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (٢) وروى عن ابن عباس وعدة من الصحابة رضى الله تعالى عنهم أن عزم الطلاق ترك الفئ إليها أربعة أشهر فقد جعل ترك الفئ أربعة أشهر شرط وقوع الطلاق في الإيلاء ثم قال صاحب البدائع (٣) أما المدة في الإيلاء هي أن يحلف على أربعة أشهر فصاعدًا في الحرة أو يحلف مطلقًا أو مؤيدًا حتى لو حلف على اقل من أربعة أشهر لم يكن موليًا في حق الطلاق وهذا قول عامة العلماء وعامة الصحابة رضى الله تعالى عنهم وقال بعض أهل العلم إن مدة الإيلاء غير مقدرة يستوى فيها القليل والكثير حتى لو حلف لا يقريها يومًا أو ساعة كان موليًا حتى لو تركها أربعة أشهر بانت وكذا روى عن ابن مسعود - رضي الله عنه - وقال ابن عباس رضى الله عنهما إن الإيلاء على الأبد والدليل عليه قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} (٤) ذكر الإيلاء في حكم الطلاق مدة مقدرة فلا يكون الحلف على ما دونها إيلاء في حق هذا الحكم وهذا لأن الإيلاء ليس بطلاق حقيقة وإنما جعل طلاقًا معلنًا بشرط البر شرعًا بوصف كونه مانعًا من الجماع أربعة أشهر قصاعدًا فلا يجعل طلاقًا بدونه ولأن الإيلاء هو اليمين التي تمنع الجماع خوفًا من لزوم الحنث وبعد مضى يوم أو شهر يمكنه أن يطأها من غير حنث يلزمه فلا يكون هذا إيلاء كما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال: كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقته الله أربعة أشهر فمن كان إيلاؤه اقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء ولأنه ليس في النص شرط الأبد فيلزمه إثبات حكم الإيلاء في حق الطلاق عند تربص أربعة أشهر فلا تجوز الزيادة إلا بدليل وسواء كان الإيلاء في حال الرضا أو الغضب أو أراد به إصلاح ولده في الرضاع أو الإضرار بالمرأة عند عامة العلماء وعامة الصحابة رضى الله تعالى عنهم وهو الصحيح لأن الإيلاء لا يفصل بين حال وحال ولأن الإيلاء يمين فلا يختلف حكمه بالرضا والغضب وإرادة الإصلاح والاضرار كسائر الأيمان وأما مدة إيلاء الأمة المنكوحة فشهران فصاعدًا عندنا لأن مدة الإيلاء ضربت أجلًا للبينونة عندنا فأشبه مدة العدة فيتنصف بالرق كمدة العدة.

[مذهب المالكية]

جاء في الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليها (٥) أن الإيلاء يمين ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر للحر أو أكثر من شهرين للعبد جاء في حاشية الدسوقى أنه إذا قال لزوجته


(١) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبى بكر بن مسعود الكاسانى جـ ٣ ص ١٦١ طبع مطبعة الجمالية بمصر طبعة أولى سنة ١٣٣٨ هـ ١٩١٠ م
(٢) آية ٢٢٧ سورة البقرة.
(٣) المرجع السابق ج/ ٣ ص ١٧١، ١٧٢ نفس الطبعة المتقدمة.
(٤) آية ٢٢٦ سورة البقرة.
(٥) الشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقى جـ ٢ من ٤٢٨ طبع دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.