للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن طلبها المعير من المستعير فقال: نعم أدفع ومضى شهر حتى هلكت فإن كان قادرا وقت الطلب على الرد وصرح المعين بالكراهة والسخط في الإمساك وأمسك المستعير يضمن وكذا إن سكت. وإن صرح المعير بالرضا بالإمساك بأن قال: لا بأس مثلا لا يضمن. وكذا لا يضمن إن كان عاجزا وقت الطلب عن الرد (١).

ولو قيد المعير الإعارة بالاستعمال بأن قال: على أن يستعمل العارية فأمسكها المستعير ولم يستعملها حتى هلكت يضمن. لأن الإمساك من خلاف فيوجب الضمان (٢).

ولو استعار دابة للذهاب فأمسكها في بيته فهلكت ضمن. لأنه أعارها للذهاب لا للإمساك في البيت فكان به متعديا. وعلق على ذلك ابن عابدين فى حاشيته على الدر المختار بقوله: لكن قد يقال: إنه خالف إلى خير لا إلى شر فكان الظاهر أن لا يضمن. إلا أن يقال: إن إمساك الدابة في المكان ضرر بها عادة. ثم قال ولعل في المسألة روايتين (٣).

ولو نزل المستعير عن الدابة المستعارة ليصلى في الصحراء وأمسكها فانفلتت منه لم يضمن وهذه المسألة دليل على أن المعتبر في إمساكها ألا يغيبها عن بصره كذا في الظهيرية ولو دفعها إلى رجل ليمسكها حتى يصلى ضمن لو شرط أن يركب بنفسه وإلا فلا يضمن (٤) وهلاك المستعار (العارية) بسبب سوء إمساكه باليد موجب للضمان. فلو دخل رجل الحمام فسقطت قصعة الحمام من يده وانكسرت في الحمام أو انكسر كوز الفقاعيّ من يده قال أبو بكر البلخى: لا يكون ضامنا، قيل: هذا إذا لم يكن من سوء إمساكه فإن كان من سوء إمساكه يكون ضامنا كذا في فتاوى قاضيخان (٥).

[إمساك متاع المضاربة]

إذا اشترى المضارب بالمال متاعا فقال المضارب: أنا أمسكه حتى أجد ربحا كثيرا وأراد رب المال بيعه فهذا على وجهين:

إما أن يكون في مال المضاربة فضل بأن كان رأس المال ألفا فاشترى به متاعا يساوى ألفين أو لم يكن في المال فضل بأن كان رأس المال ألفا واشترى به متاعا يساوى ألفا.

ففى الوجهين جميعا لا يكون للمضارب حق إمساك المتاع من غير رضا رب المال إلا أن يعطى لرب المال رأس المال إن لم يكن فيه فضل، ورأس المال وحصته من الربح إن كان فيه فضل فحينئذ له حق إمساكه.

فإن لم يعط ذلك ولم يكن له حق إمساكه فإن كان في المال ربح أجبر على البيع إلا أن يدفع للمالك رأس ماله مع حصته من الربح.

وإن لم يكن في المال ربح لا يجبر على البيع ويقال لرب المال: المتاع كله خالص ملكك فأما أن تأخذه برأس مالك أو تبيعه حتى تصل إلى رأس مالك.

أما إذا أراد المالك أن يمسك المتاع والمضارب يريد بيعه فله بيعه ولا يملك المالك فسخ المضاربة ولا تخصيص الإذن لأنه عزل من وجه. وإنما لا يملك ذلك لأن للمضارب حقا في الربح (٦).


(١) حاشية قرة عيون الأخيار تكملة رد المختار على الدر المختار لابن عابدين ١ جـ ٨ ص ٤١٨ الطبعة السابقة.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٦ ص ٢١٦ الطبعة السابقة.
(٣) حاشية قرة عيون الأخيار السابق جـ ٨ ص ٤١٤، ٤١٦
(٤) جامع الفصولين لابن قاضى سماوه جـ ٢ ص ١٥٦
وانظر أيضا تكملة حاشية ابن عابدين جـ ٨ ص ٤١٧
(٥) المرجع السابق نفس الصفحة.
وانظر أيضًا القتاوى الهندية جـ ٤ ص ٣٦٨ طبعة المطبعة الأميرية سنة ١٢١٠ هـ
(٦) تكملة حاشية ابن عابدين على الدر المختار جـ ٨ ص ٣٢٥، ٣٠٩ الطبعة السابقة.