للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فان تعذرت اصابة عين الكعبة بحائل أصلى من جبل ونحوه كالمصلى خلف جبل أبى قبيس، اجتهد الى عينها لتعذر اليقين عليه.

أما مع الحائل غير الاصلى كالمنازل التى تحول بينه وبين الكعبة، فلا بد من تيقنه محاذاة الكعبة ببدنه، اما بنظره اليها، أو خبر ثقة ونحوه.

قال: والاعمى المكى، والغريب اذا أراد الصلاة بدار فى مكة، ففرضه الخبر عن يقين، أو عن مشاهدة، وليس له الاجتهاد.

أما من كان بعيدا، وهو من لم يقدر على معاينة الكعبة، ولا على من يخبره عن علم، ففرضه فى القبلة اصابة الجهة بالاجتهاد، ويعفى عن الانحراف قليلا يمنة أو يسرة، لما روى أبو هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما بين المشرق والمغرب قبلة رواه ابن ماجة والترمذى، ولان الاجماع انعقد على صحة صلاة الاثنين المتباعدين يستقبلان قبلة واحدة، وعلى صحة صلاة الصف الطويل على خط‍ مستو.

ثم قال: والمشاهد لمسجد النبى صلى الله عليه وسلم، والقريب منه فرضه اصابة العين، لان قبلته متيقنة الصحة، لانه صلّى الله عليه وسلّم لا يقر على الخطأ وقد روى أسامة بن زيد رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلّم ركع ركعتين قبل القبلة وقال: هذه القبلة.

قال صاحب كشاف القناع: (١) وكذا مسجد الكوفة لاتفاق الصحابة عليه.

ثم قال: والبعيد عن مسجد النبى صلى الله عليه وسلم، والبعيد عن مكة يجتهد الى الجهة لتعذر اصابة العين، فان أمكنه ذلك بخبر مسلم ثقة مكلف عدل ظاهرا وباطنا حرا كان أو عبدا رجلا كان أو امرأة عن يقين، لزمه العمل به، ولا يجتهد، ولا يقبل خبر كافر، ولا غير مكلف، ولا فاسق، وان أمكنه معرفة القبلة بالاستدلال بمحاريب المسلمين لزمه العمل به، وان وجدت محاريب ببلد خراب لا يعلم أنها للمسلمين، لم يلتفت اليها، ولو نقض أو سقط‍ بناء الكعبة، وجب استقبال موضعها وهوائها، دون أنقاضها، لان المقصود البقعة لا الانقاض.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى: (٢) يشترط‍ استقبال جهة الكعبة بالوجه والجسد فى حال القدرة، وينوى التوجه الى القبلة


(١) كشاف القناع مع هامش منتهى الارادات ج‍ ١ ص ٢٠٥ الطبعة السابقة.
(٢) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج‍ ٣ ص ٢٢٧ مسألة رقم ٣٥١ الطبعة الاولى سنة ١٣٤٩ هـ‍ ادارة الطباعة المنيرية طبع مطبعة النهضة بمصر