للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الفضولى لصاحب الشأن فيه أبطاله عند القائلين بوقفه.

وعلى الجملة فليرجع الى مبطلات الأعمال والعقود والالتزامات على العموم فى مصطلحاتها فيرجع إلى مبطلات الصلاة فى مصطلح صلاة، وإلى مبطلات الصوم فى مصطلح صوم وإلى مبطلات الحج فى مصطلح حج والى مبطلات البيع والاجارة والرهن والصلح والوقف فى مصطلحاتها وهكذا، والى مبطلات الأحكام فى مصطلح قضاء.

أثر الإبطال وحكمه:

إذا حدث الإبطال قبل إتمام العمل الشرعى أو الإلتزام الشرعى كان أثره البطلان وبذلك صار معدوما فى نظر الشارع، وترتب على ذلك صيرورة العمل غير مجزئ وصيرورة الالتزام لاغيا لا يترتب عليه أثر، وهذا محل إتفاق بين المذاهب، اذ أن ترتب الآثار على أسبابها إنما هو نتيجة لإعتبار الشارع لها وترتيبها عليها، وإنما يكون ذلك عند وجوده فى اعتباره ونظره. أما اذا حدث الإبطال بعد التمام، وذلك لا يتصور كما قلنا إلا فى التصرفات الشرعية، فإن أثره حينئذ هو إنهاء التصرف، ولا يكون لهذا الإنهاء عندئذ أثر رجعى فلا يترتب على إبطال الزواج حرمة ما حدث فيه من مباشرة سابقة ولا إنتفاء ما ثبت به من أنساب ولا سقوط‍ ما وجب فيه من نفقات على الزوج، وكذلك الحال فى الهبة يرجع فيها الواهب بعد تمامها بالقبض، فإن جميع منافع العين وزوائدها قبل إبطالها وفسخها تكون للموهوب له متى كانت منفصلة لأنه المالك للعين الموهوبة قبل الرجوع، وزيادة الملك ونماؤه لمالكه ولا تكون للواهب، غير أن الزيادة المتصلة كالسمن مثلا تمنع الرجوع عند الحنفية وتمنع الإعتصار عند مالك، وهو رجوع الأب فيما وهبه لولده وتمنع الرجوع كذلك عند أحمد على رواية جواز رجوع الأصل فيما وهبه لفرعه ولا تمنع رجوع الأصل فيما وهبه لفرعه عند الشافعى بل تتبع أصلها فتكون للواهب، وهو مذهب الإباضية.

أما المنفصلة فتظل ملكا للموهوب له وإلى هذا ذهب الشيعة الجعفرية.

ولا يرى أهل الظاهر جواز الرجوع فى الهبة (١).

وذهب الزيدية الى أن الزيادة المتصلة تمنع الرجوع لا المنفصلة اذ تكون للموهوب له (٢) ونتيجة ذلك اقتضاء الرجوع فى الهبة وعدم استناده إلى وقتها، وكذلك الحكم فى الوكالة إذا أبطلها أحد عاقديها، والشركة والقراض والعاريه والمساقاة والمزارعة والإجارة إذا فسخت بسبب عذر أو بإقالة، فالفسخ فى جميع هذه الأحوال لا يستند إلى وقت حدوث العقد، وإنما يقتصر الإبطال على وقته فلا يترتب عليه أثره إلا من ذلك الوقت، إذ أن الإبطال لا يرفع عقدا ولا يبطله، فقد حدث بعد تمامه وترتب آثاره عليه، وانما ينهيه من وقت فسخه فيرفعه بذلك الفسخ والابطال.


(١) تكملة ابن عابدين فى الهبة ج‍ ٢ فى آخره.
كشاف القناع ج‍ ٢ ص ١٨٥.
الخرشى ج‍ ٧ ص ١٣٤.
البجرمى على المنهج ج‍ ٣ ص ٢٤٤.
المحلى وتحرير الاحكام ج‍ ١ ص ٢٨٤.
(٢) شرح الأزهار ج‍ ٣ ص ٤٤١.