للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه ماء من ماء أمه وحشوه من حشوتها كسائر ما فى جوفها فهو يتبع لها لأنه بعضها.

فاذا اعتق، فقد أعتق بعضها فوجب بذلك عتق جميعها لأن العتق لا يتجزأ، أما بعد نفخ الروح فيه فهو غيرها لأن الله سماه خلقا آخر وهو حينئذ قد يكون ذكرا وقد يكون أنثى وقد يكون واحدا أو اثنين فهو مجهول ولا يصح التقرب الى الله بما هو مجهول فما لم يتبعها اياه لا يعتق (١).

[تجزؤ الاعتاق وفيه مسألتان]

المسألة الأولى: اذا أعتق المالك جزءا من عبده كنصفه أو ثلثه.

[مذهب الحنفية]

ذهب أبو حنيفة الى أنه اذا اعتق المالك جزءا من عبده كنصفه أو ثلثه عتق ذلك الجزء وسعى العبد فى بقية قيمته، فاذا كانت قيمة العبد مائة جنيه وأعتق نصفه سعى العبد فى باقى قيمته وهو خمسون جنيها، فهو كالمكاتب عنده، الا أن الفرق بينه وبين المكاتب، أن المكاتب اذا عجز عن أداء بدل الكتابة عاد الى الرق، أما هو فلا يعود الى الرق اذا عجز عن أداء باقى قيمته، ودليله فى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من أعتق شخصا له فى عبد كلف عتق بقيته».

قال أبو حنيفة: ان تكليف السيد بأن يعتق بقيته يدل على بقاء الملك فيه، اذ لو كان عتق البعض عتقا للكل كما يقول جمهور الفقهاء. لكان تكليفه بعتق بقيته تكليفا بتحصيل الحاصل وهو محال (٢).

رأى الصاحبان وجمهور الفقهاء:

ذهب أبو يوسف ومحمد وجمهور الفقهاء الى أن من أعتق بعض عبده عتق كله لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من أعتق شقصا له فى عبد يعتق كله ليس لله فيه شريك» وهو نص موضوع النزاع (٣). ومن هذا الذى ذكرناه يظهر ان أبا حنيفة يتجزأ العتق عنده بخلاف الجمهور.

المسألة الثانية: اذا أعتق أحد الشريكين نصيبه فى عبد.

فقد ذهب أبو حنيفة الى أن الشريك الساكت مخير بين أن يعتق نصيبه فيكون الولاء لهما وبين أن يضمن شريكه المعتق قيمة نصيبه ان كان موسرا، فيكون الولاء للمعتق وبين أن يستسعى العبد موسرا كان المعتق أو معسرا.

أما أنه مخير بين أن يعتق نصيبه، فلأن العتق يتجزأ عنده، فاذا أعتق شريكه نصيبه


(١) الظاهرية المحلى ج ٩ ص ١٧٨ - ١٨٨
(٢) الحنفية زيلعى ج ٣ ص ٧٣
(٣) بداية المجتهد ج ١ ص ٤٩ المنهاج ج ٤ ص ٥٢١ المغنى ج ٢ ص ٢٥٣ المحلى ج ٩ ص ٢٠٠ البحر الزخار ج ٤ ص ١٩٣ الروضة البرية ١٦٣ ج ٢ شرح النيل ج ٦ ص ٣٢٠