للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا يخرج ما اذا كان لرب المال على رجل دين فقال له اعمل بدينى الذى فى ذمتك مضاربة بالنصف أن المضاربة فاسدة بلا خلاف فان اشترى هذا المضارب وباع فله ربحه وعليه وضيعته والدين فى ذمته بحال عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى.

وعندهما ما اشترى وباع لرب المال ربحه وعليه وضيعته بناء على أن من وكل رجلا يشترى له بالدين الذى فى ذمته لم يصح عند أبى حنيفة حتى لو اشترى لا يبرأ عما فى ذمته عنده واذا لم يصح الأمر بالشراء بما فى الذمة لم تصح اضافة المضاربة الى ما فى الذمة، وعندهما يصح التوكيل ولكن لا تصح المضاربة، لأن الشراء يقع للموكل فتصير المضاربة بعد ذلك مضاربة بالعروض، لأنه يصير فى التقدير كأنه وكله بشراء العروض ثم دفعه اليه مضاربة فتصير مضاربة بالعروض فلا تصح.

ولو قال لرجل اقبض مالى على فلان من الدين وأعمل به مضاربة جاز، لأن المضاربة هنا أضيفت الى المقبوض فكان رأس المال عينا لا دينا.

ولو أضاف المضاربة الى عين هى أمانة فى يد المضارب من الدراهم والدنانير بأن قال للمودع أو المستبضع اعمل بما فى يدك مضاربة بالنصف جاز ذلك بلا خلاف وان اضافها الى مضمونه فى يده كالدراهم والدنانير المغصوبة فقال للغاصب: اعمل بما فى يدك مضاربة بالنصف لم يجز ذلك عند زفر رحمه الله تعالى لأن المضاربة تقتضى كون المال أمانة فى يد المضارب والمغصوب مضمون فى يده فلا يتحقق التصرف للمضاربة فلا يصح.

وقال أبو يوسف والحسن بن زياد رحمهما الله تعالى يجوز ذلك لأن ما فى يده مضمون الى أن يأخذ فى العمل فاذا أخذ فى العمل وهو الشراء تصير أمانة فى يده فيتحقق معنى المضاربة فتصح (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى التاج والإكليل نقلا عن المدونة: أن مالكا رحمه الله تعالى قال:

ان كان لك عند رجل دين فقلت اعمل به قراضا لم يجز، وكذلك ان أحضره فقال له خذه قراضا لم يجز الا أن يقبضه منه ثم يعيده اليه، قال ابن القاسم رحمه الله تعالى خوف أن يكون انما اعترى أن يؤخره بالدين ويزيده والوديعة مثله لأنى أخاف أن يكون أنفق الوديعة فصارت عليه دينا (٢).


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر ابن مسعود لكاسانى ج ٦ ص ٨٢، ص ٨٣ الطبعة السابقة.
(٢) التاج والاكليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد بن يوسف بن أبى القاسم العبدرى الشهير بالمواق ج ٥ ص ٣٥٨ فى كتاب هامشه مواهب الجليل الطبعة السابقة.