للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واذا أراد قاض أن ينهى الى قاض ما حكم به فان كان ذلك بالكتابة لم يصح لأن الكتابة لا عبرة بها لامكان التشبيه وان كان بالقول مشافهة بأن يقول للآخر حكمت بكذا أو أنفذت أو أمضيت ففى القضاء به تردد ونص الشيخ أنه لا يقبل، وان كان الانهاء بالشهادة فان شهدت البينة بالحكم وبالشهادة اياهما على حكمه تعين القبول لأنه ذلك مما تمس الحاجة اليه اذ احتاج أرباب الحقوق الى اثباتها فى البلاد المتباعدة غالب وتكليف شهود الأصل التنقل متعذر أو متعسر فلا بد من وسيلة الى استيفائها مع تباعد الغرماء.

ولا وسيلة الا رفع الأحكام الى الحكام وأتم ذلك احتياطا ما صورناه (١). هذا واذا كان ما ينهى من الحاكم حكما وقع بين المتخاصمين فان حضر شاهدان لانهاء خصومة الخصمين وسمعا ما حكم به الحاكم وأشهدهما على حكمه ثم شهدا بالحكم عند الآخر ثبت بشهادتهما حكم ذلك الحاكم وأنفذ ما ثبت عنده واذا كان ما ينهى من الحاكم اثبات دعوى المدعى فان حضر الشاهدان الدعى واقامة الشهادة والحكم بما شهدا به وأشهدهما على نفسه بالحكم وشهدا بذلك عند الآخر قبلها وأنفذ الحكم ولو لم يحضرا الواقعة وأشهدهما بما صورته أن فلان بن فلان الفلانى ادعى على فلان بن فلان الفلانى بكذا وشهدا له بدعواه فلان وفلان ويذكر عدالتهما أو تزكيتهما - فحكمت أو أمضيت ففى الحكم به تردد مع أن القبول ارجع خصوصا مع احضار الكتاب المتضمن للدعوى وشهادة الشهود، أما لو أخبر حاكما آخر بأنه ثبت عنده كذا لم يحكم به الثانى (٢).

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل: أنه يندب للقاضى أن يجلس فى بارز من الأرض ليصل اليه كل أحد ويكون فى وسط‍ البلد وينبغى أن يجعل لجلوسه ساعة يعرفها الناس ليأتوه فيها (٣).

واذا كان الخصم حاضرا فى بلد القاضى أرسل اليه أحد خدامه ليرفعه الى مجلس الحكم ان أبى وان كان على يسير الأميال كفى فيه أن يكتب اليه وان بعد أو كان هناك خوف أمر من يلى أمر بلد هو فيه بأن يصلح بينهما أو أن يعزم على الشخص المطلوب فى أن يصل لمحل الحكم. وقيل: يرسل اليه اذا كان فى البلد مطلقا الا أن تبين كذبه وأجرة الرسول عندنا من بيت المال وقال قومنا: هى من مال من له الحق (٤).

وينبغى للقاضى اذا ظهر عنده شاهد الزور أن يشهره فى ذلك المنزل ويحذر الناس منه.

وذكر فى الكتاب: أن شاهد الزور يسحم وجهه ويطاف به وقيل: يعزره الحاكم: وقيل أنه ينكل به، وذكر عن شريح والله أعلم - انه اذا ظهر عنده شاهد الزور بعث به الى سوقه ان كان له سوق أو الى منزله ان كان غير ذى سوق فيقول رسوله للناس: ان شريحا يقرئ لكم السلام ويقول لكم: انا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذروا الناس منه وقيل:

يجلد شاهد الزور، ويطاف به ويطال حبسه حتى يحدث توبة وكتب عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه فى شاهد زور: ان اجلدوه أربعين جلدة ويحلق رأسه ويطاف به ويطال سجنه (٥).


(١) المرجع السابق للمحقق الحلى ج‍ ٢ ص ٢١٧ الطبعة المتقدمة.
(٢) المرجع السابق فى الفقه الاسلامى الجعفرى للمحقق الحلى ج‍ ٢ ص ٢١٨ طبع دار مكتبة الحياء ببيروت سنة ١٢٩٥ هـ‍.
(٣) شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيش ح‍ ٦ ص ٥٢٦ طبع مطابع البارونى فى مصر.
(٤) المرجع السابق للشيخ محمد بن يوسف أطفيش ج‍ ٦ ص ٥٨٠، ص ٥٨١ طبع مطابع البارونى بمصر.
(٥) المرجع السابق للشيخ محمد بن يوسف أطفيش ج‍ ٦ ص ٦١١ - ٦١٢ طبع مطابع البارونى فى مصر.