للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التطوع إذا شرع فيه، ويلزم طاعتهما فى غير معصية.

قتل الابن أباه الكافر فى الحرب

مذهب الشافعية (١):

ويكره أن يقصد قتل ذى رحم محرم، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع أبا بكر من قتل ابنه. فإن قاتله لم يكره أن يقصد قتله، كما لا يكره إذا قصد قتله وهو مسلم. وإن سمعه يذكر اسم الله عز وجل أو رسوله صلى الله عليه وسلم بسوء لم يكره أن يقتله، لأن أبا عبيدة بن الجراح رضى الله عنه قتل أباه وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعته يسبك، ولم ينكر عليه.

مذهب الأحناف (٢):

يكره أن يبتدئ الرجل أباه من المشركين فيقتله، لقوله تعالى: «وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً» ولأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق فيناقضه الإطلاق فى إفنائه، فان أدركه امتنع عليه حتى يقتله غيره، لأن المقصود يحصل بغيره من غير اقتحام المأثم.

وان قصد الأب قتله بحيث لا يمكنه دفعه إلا بقتله فلا بأس به، لأن مقصوده الدفع، ألا ترى أنه لو شهر الأب المسلم سيفه على ابنه ولا يمكنه دفعه ألا بقتله يقتله لما بينا فهذا أولى.

مذهب الحنابلة (٣):

يقتل المسلم أباه وابنه ونحوهما من ذوى قرابته فى المعترك لأن أبا عبيده قتل أباه فى الجهاد فأنزل الله «لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (٤).

وإن سبى (٥) غير البالغ مع أبويه فهو على دينهما لبقاء التبعية، وإن أسلم أبو حمل أو طفل أو مميز فالابن مسلم. لا إن أسلم جد وجدة فلا يحكم بإسلامه بذلك، أو أسلم أحدهما فمسلم أو مات أحدهما فى دارنا أو عدما أو عدم أحدهما بلا موت فمسلم فى الجميع للخبر السابق وانقطاع التبعية. وإذا بلغ من حكم بإسلامه تبعا لأبويه أو موته بدارنا عاقلا ممسكا عن الإسلام والكفر قتل قاتله لأنه مسلم معصوم الدم.

ومن أسلم (٦) منهم قبل القدرة عليه أحرز ماله ودمه أو أسلم حربى فى دار الحرب أحرز دمه وماله ولو منفعة أجارة لقوله عليه الصلاة والسلام «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم» وأولاده الصغار والمجانين ولو حملا، فى السبى كانوا أو فى دار الحرب، للحكم بإسلامهم تبعا له، وإن دخل كافر دار الإسلام فأسلم وله أولاد صغار فى دار الحرب أو حمل صاروا مسلمين تبعا له ولم يجز سبيهم لعصمتهم بالإسلام.

مذهب الزيدية (٧):

لا يجوز أن يقتل مسلم ذو رحم رحمه من الكفار سواء كان يحرم عليه نكاحه لو


(١) المهذب ج‍ ٢ ص ٢٤٩.
(٢) الهداية ج‍ ٢ ص ١١٧.
(٣) كشاف القناع ج‍ ١ ص ٦٦١.
(٤) سورة المجادلة: ٢٢.
(٥) كشاف القناع ج‍ ١ ص ٦٦٤.
(٦) المرجع السابق ص ٦٦٥.
(٧) التاج المذهب ج‍ ٤ ص ٤٣١.