للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رأيت لهم قولا ثالثا بأن فى الحضانة حقا للحاضنة وحقا للمحضون معا وليست حقا خالصا لواحد منهما، وان لم يصرحوا بأى الحقين أقوى.

وقد رتبوا على اعتبار الحق للحاضنة عدم جواز عودتها الى الحضانة بعد اسقاطها - وعلى اعتبارها حقا للمحضون جواز العود اليها.

والوجه فى ذلك أنها ما دامت صاحبة الحق فى الحضانة لا تجبر عليها واذا تنازلت عنها تكون قد أسقطت حقا مقررا لها وبالاسقاط‍ يتلاشى هذا الحق ولا يعود اذ الساقط‍ لا يعود.

أما اذا كان الحق للمحضون فانها تجبر على الحضانة لحق الصغير واذا امتنعت يكون امتناعها لعذر فاذا عادت يكون العذر قد زال ويقبل العود ويكون من قبيل زوال المانع لا من قبيل عود الساقط‍ كالناشز تعود الى الطاعة فيعود حقها فى النفقة التى سقطت للنشوز لزوال المانع.

والمالكية: يجيزون أخذ العوض نظير الاسقاط‍ ومن ثم أجازوا للحاضنة أن تسقط‍ حقها بعوض وبغير عوض والخلع على الاسقاط‍ نوع من المقابلة بالعوض وان لم يكن مالا.

ويرون أن الحق الذى يرد عليه الاسقاط‍ لا بد أن يكون قائما عند وروده والا كان الاسقاط‍ باطلا ويثبت الحق عند حصوله. فاذا أسقطت الجدة حقها فى الحضانة حال وجود الأم وحضانتها لا يصح هذا الاسقاط‍ وتثبت لها الحضانة فى دورها.

[مذهب الشافعية]

جاء فى نهاية المحتاج (١): لو أسقطت الحاضنة حقها انتقلت لمن يليها فاذا رجعت عاد حقها.

وفى المهذب (٢): لو امتنعت الأم عن الحضانة فقيل تنتقل الى أم الأم وقيل الى الأب لان الأم لم يبطل حقها ولو طالبت بها كانت أحق.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع (٣): أن من له حق الحضانة اذا أسقطه صح وسقط‍ وان أراد أن يعود اليه عاد متى شاء لأنه حق يتجدد بتجدد الزمان كالنفقة - أى أنه يرد أولا على حق قائم وثابت بالفعل فيسقط‍ أما ما يأتى بعد ذلك فلم يرد عليه الاسقاط‍ لأنه لم يكن قد وجب فيجوز له أن يعود اليه كما فى النفقة.


(١) نهاية المحتاج الى شرح الفاظ‍ المنهاج للرملى ج ٧ ص ٢١٩.
(٢) المهذب للشيرازى ج ٢ ص ١٧١ الطبعة السابقة.
(٣) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الارادات ج ٣ ص ٣٢٧ وما بعدها الطبعة السابقة.