للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إذا استعار الأرض للزرع فرجع المعير قبل انقضاء الوقت وجب للمستعير في الزرع والثمر الثلاثة الخيارات؛ فالأولان هما الخياران المذكوران في الغرس والبناء والثالث أن يبقى الزرع إلى أن يحصد بالأجرة لصاحب الأرض. وإنما تلزم المستعير الأجرة من بعد الرجوع لبقاء الزرع إن قصر حتَّى تعدى المدة المؤقتة، فأما لو لم يكن منه تقصير استحق بقاء الزرع بلا أجرة حتَّى يحصد ولو تعدى المدة المضروبة. قال عليه السلام: ولا يبعد لو استعار الأرض للغرس ورجع المعير وفى الشجر المغروس ثمر أنه لا يجب القلع حتَّى يجذ الثمر قال في الحاشية: ظاهره بلا أجرة لمالك الأرض (١).

مذهب الإِمامية:

جاء في الروضة البهية أن للمالك الرجوع في العارية متى شاء لاقتضاء جواز العقد ذلك إلا في الإِعارة لدفن الميت المسلم ومن في حكمه فلا يجوز الرجوع فيه بعد الطم لتحريم نبشه وهتك حرمته إلى أن تندرس عظامه، ولو رجع قبله جاز وإن الميت قد وضع على الأقوى للأصل، فمؤنة الحفر لازمة لولى الميت لقدومه على ذلك إلا أن يتعذر عليه غيره مما لا يزيد عوضه عنه فيقوى كونه من مال الميت لعدم التقصير ولا يلزم وليه طمه للإذن فيه. ويستثنى آخران أيضًا. أحدهما إذا حصل بالرجوع ضرر على المستعير لا يستدرك كما لو أعاره لوحا رفع به سفينة ولجج في البحر فلا رجوع للمعير إلى أن يمكنه الخروج إلى الشاطئ أو إصلاحها مع نزعه من غير ضرر، ولو رجع قبل دخول السفينة أو بعد خروجها فلا إشكال في جوازه مع احتمال الجواز مطلقًا، وإن رجب الصبر بقبضه إلى أن يزول الضرر (٢). وذكر صاحب الخلاف أن المعير إذا طالب المستعير بقلع ما أذن له في غراسه من غير أن يضمن له أرش النقصان وأبى ذلك صاحبه لم يجبر عليه، وبه قال الشافعي رضى الله تعالى عنه. وقال أبو حنيفة رضى الله تعالى عنه: يجبر على ذلك وإن لم يضمن. دليلنا قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لعرق ظالم حق" وهذا ليس بظالم فيجب أن يكون له حق، وروت عائشة رضى الله تعالى عنها أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: من بنى في رباع قوم بإذنهم فله قيمته (٣).

[حكم الامتناع من تسليم مال المضاربة أو بيعه]

[مذهب الحنفية]

جاء في بدائع الصنائع أنه إذا اشترى المضارب، بمال المضاربة متاعا وفيه فضل أو لا فضل فيه فأراد رب المال بيع ذلك فأبى المضارب وأراد إمساكه حتَّى يجد ربحا فإن المضارب يجبر على بيعه إلا أن يشاء أن يدفعه إلى رب المال لأن منع المالك عن تنفيذ إرادته


(١) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار فى فقه الأئمة الأطهار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح جـ ٢ ص ٤٣٠ وما بعدها إلى ص ٤٣٢ في كتاب أسفله مجموعة حواشى عليه الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة ١٣٥٧ هـ.
(٢) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد زين الدين الجبعى العاملى جـ ١ ص ٣٨٩ طبع مطابع دار الكتاب العربى بمصر.
(٣) الخلاف في الفقه لشيخ الطائفة الإمام أبى جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي جـ ١ ص ٦٧٠ مسألة رقم ٩ الطبعة الثانية طبع مطبعة رنكين في طهران سنة ١٣٧٧ هـ.