للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الذى يرجع إلى الصيد فنقول لا يجوز للمحرم أن يتعرض لصيد البر المأكول وغير المأكول عندنا الا المؤذى المبتدئ بالأذى غالبا.

والكلام فى هذا الفصل يقع فى مواضع فى تفسير الصيد أنه ما هو وفى بيان أنواعه وفى بيان ما يحل اصطياده للمحرم وما يحرم عليه وفى بيان حكم ما يحرم عليه اصطياده إذا اصطاده.

أما الأول فالصيد هو الممتنع المتوحش من الناس فى أصل الخلقة، أما بقوائمه أو بجناحه فلا يحرم على المحرم ذبح الإبل والبقر والغنم لأنها ليست بصيد لعدم الامتناع والتوحش من الناس، وكذا الدجاج والبط‍ الذى يكون فى المنازل وهو المسمى بالبط‍ الكسكرى لانعدام معنى الصيد فيهما، وهو الامتناع والتوحش.

فأما البط‍ الذى يكون عند الناس ويطير فهو صيد لوجود معنى الصيد فيه، فالعبرة بالتوحش والاستئناس فى أصل الخلقة.

والكلب ليس بصيد ولا بأس بقتل البرغوث والذباب والحلم والقراد والزنبور لأنها ليست بصيد لانعدام التوحش والامتناع. إلا ترى أنها تطلب الإنسان مع امتناعه منها، وينظر تفصيل ذلك فى مصطلح «صيد».

وأما الذى يوجب فساد الحج، فالجماع لقول الله عز وجل «فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ، وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ .. }. الآية (١)». عن ابن عباس وابن عمر رضى الله عنهما أن الرفث الجماع وأنه مفسد للحج (٢).

[مذهب المالكية]

قال المالكية: يحرم على الأنثى لبس (بضم اللام) محيط‍، حرة أو أمة، كبيرة أو صغيرة.

ويتعلق الخطاب بولى الصغيرة بسبب تلبثها بالإحرام بحج أو عمرة بكف لا بدن ورجل كقفاز وكيس تدخله فى كفها أو أصبع من أصابع يدها إلا الخاتم فيغتفر لها دون الرجل.

وحرم عليها ستر وجهها أو بعضه ولو بخمار أو منديل، وهذا معنى قولهم «إحرام المرأة فى وجهها وكفيها فقط‍» وحرمة ستر وجهها إلا لفتنة أى تعلق قلوب الرجال بها فلا يحرم، بل يجب عليها ستره أن ظنت الفتنة بها بلا غرز للساتر بإبرة ونحوها، وبلا ربط‍ له برأسها كالبرقع تربط‍ أطرافه بعقده بل المطلوب سدله على رأسها ووجهها أو تجعله كاللثام وتلقى طرفيه على رأسها بلا غرز ولا ربط‍.

ثم قال: ويحرم على الذكر ولو غير مكلف ويتعلق الخطاب بوليه لبس محيط‍ (بضم الميم وبالمهملة) أى بأى عضو من أعضائه كيد ورجل وإصبع مطلقا، ورأس وأولى جميع البدن إذا كان محيطا بنسج أو خياطة أو صياغة ونحو ذلك.


(١) سورة البقرة: ١٩٧.
(٢) بدائع الصنائع للكاسانى ج‍ ٢ من ص ١٨٣ الى ص ١٩٦، ٢٠٦.