للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن أبى ليلى هو طيب وليس لمحرم أن يكتحل به. وهذا غير سديد لأنه ليس له رائحة طيبة فلا يكون طيبا.

وأما ما يجرى مجرى الطيب من إزالة الشعث وقضاء التفث فحلق الشعر وقلم الظفر، أما الحلق فنقول لا يجوز للمحرم أن يحلق رأسه قبل يوم النحر لقول الله تعالى: «وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} … الآية (١)».

وقول النبى صلي الله عليه وسلم:

«المحرم الأشعث الأغبر»، وسئل رسول الله صلي الله عليه وسلم: من الحاج.

فقال: «الشعث التفث» وحلق الرأس يزيل الشعث والتفث، ولأنه من باب الارتفاق بمرافق المقيمين، والمحرم ممنوع عن ذلك، ولأنه نوع نبات استفاد الأمن يسبب الإحرام فيحرم التعرض له كالنبات الذى استفاد الأمن بسبب الحرم، وكذا لا يطلى رأسه بنورة لأنه فى معنى الحلق، وكذا لا يزيل شعرة من شعر رأسه ولا يطليها بالنورة.

والمحرم كما هو ممنوع من حلق رأس نفسه، ممنوع من حلق رأس غيره ألا أنه لما حرم علية حلق رأس غيره يحرم عليه حلق رأس نفسه من طريق الأولى، وسواء كان المحلوق حلالا أم حراما، أما قلم الظفر فنقول لا يجوز للمحرم قلم أظفاره لقول الله تعالى: «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ، وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ .. }.

الآية (٢)».

وقلم الأظفار من قضاء التفث، رتب الله تعالى قضاء التفث على الذبح لأنه ذكره بكلمة موضوعة للترتيب مع التراخى يقول الله عز وجل «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ.}. الآية».

فلا يجوز الذبح، ولأنه ارتفاق بمرافق المقيمين والمحرم ممنوع من ذلك.

وأما الذى يرجع آلي توابع الجماع فيجب علي المحرم أن يجتنب الدواعى من التقبيل واللمس بشهوة والمباشرة والجماع فيما دون الفرج، لقول الله عز وجل «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ، وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ .. }. الآية (٣)».

قيل فى بعض وجوه التأويل أن الرفث جميع حاجات الرجال إلي النساء.

وسئلت عائشة رضى الله تعالى عنها عما يحل المحرم من امرأته. فقالت: يحرم عليه كل شئ الا الكلام.


(١) سورة البقرة: ١٩٦.
(٢) سورة الحج: ٢٩.
(٣) سورة البقرة: ١٩٧.