للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه ضرب لعثمان رضى الله عنه فسطاط‍ بمنى فكان يستظل به.

ولأن الاستظلال بما لا يماسه بمنزلة الاستظلال بالسقف وذا غير ممنوع عنه، فإن دخل تحت ستر الكعبة حتى غطاه فإن كان الستر يصيب وجهه ورأسه يكره له ذلك لأنه يشبه ستر وجهه ورأسه بثوب، وإن كان متجافيا فلا يكره لأنه بمنزلة الدخول تحت ظله، ولا بأس أن تفطى المرأة سائر جسدها وهى محرمة بما شاءت من الثياب المخيطة وغيرها، وأن تلبس الخفين غير أنها لا تغطى وجهها ولا بأس لها أن تلبس الحرير والذهب وتتحلى بأى حلية شاءت عند عامة العلماء.

وعن عطاء رضى الله عنه أنه كره ذلك.

والصحيح قول عامة العلماء لما روى أن ابن عمر رضى الله عنه كان يلبس نساءه الذهب والحرير فى الاحرام، والمرأة تساوى الرجل فى الطيب، أما لبس القفازين فلا يكره عندنا وهو قول على وعائشة رضى الله عنهما.

ولنا ما روى أن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه كان يلبس بناته وهن محرمات القفازين، ولأن لبس القفازين ليس إلا تغطية يديها بالمخيط‍، وأنها غير ممنوعة عن ذلك فإن لها أن تغطيهما بقميصها وأن كان مخيطا فكذا بمخيط‍ آخر بخلاف وجهها فإنها لا تنتقب.

وأما الذى يرجع إلى الطيب، وما يجرى مجراه، من ازالة الشعث وقضاء التفث، أما الطيب منقول: لا يتطيب المحرم لقول النبى صلي الله عليه وسلم: «المحرم الأشعث الأغبر» والطيب ينافى الشعث.

وروى أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وعليه مقطعان مضمخان بالخلوق فقال: ما اصنع فى حجتى يا رسول الله.

فسكت النبى صلى الله عليه وسلم حتي أوحى الله تعالى إليه، فلما سرى عنه قال النبى صلى الله عليه وسلم: «أين السائل» فقال الرجل: أنا.

فقال: «اغسل هذا الطيب عنك واصنع فى حجتك ما كنت صانعا فى عمرتك».

وروينا أن محرما وقصت به ناقته فقال النبى صلي الله عليه وسلم: «لا تخمروا رأسه ولا تقربوه طيبا، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا»، جعل كونه محرما علة حرمة تخمير الرأس والتطيب فى حقه ولا بأس أن يحتجم المحرم ويفتصد ويبط‍ القرحة ويعصب عليه الخرقة ويجبر الكسر وينزع الضرس إذا اشتكى منه، ويدخل الحمام ويغتسل، لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم محرم بالقاحة والفصد وبط‍ القرحة والجرح فى معنى الحجامة، ولأنه ليس فى هذه الأشياء إلا شق الجلدة والمحرم غير ممنوع عن ذلك ولأنها من باب التداوى والإحرام لا يمنع من التداوى، وكذا جبر الكسر من باب العلاج والمحرم لا يمنع منه، وكذا قلع الضرس وهو أيضا من باب إزالة الضرر، فيشبه قطع اليد من الأكلة وذا لا يمنع منه المحرم، كذا هذا.

وأما الاغتسال، فلما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغتسل وهو محرم وللمحرم أن يكتحل بكحل ليس فيه طيب